وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} وَقَالَ تَعَالَى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا} {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} نَزَلَتْ الْآيَةُ فِي الَّذِينَ يَدْعُونَ الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ. وَاسْتِقْصَاءُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ. فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ ". فَالْكَلِمُ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ جَامِعَةٌ مُحِيطَةٌ كُلِّيَّةٌ عَامَّةٌ لِمَا كَانَ مُتَفَرِّقًا مُنْتَشِرًا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ. ثُمَّ إنَّهُ يُسَمِّي كُلَّ شَيْءٍ بِمَا يَدُلُّ عَلَى صِفَتِهِ الْمُنَاسِبَةِ لِلْحُكْمِ الْمَذْكُورِ الْمُبَيِّنِ وَمَا يُبَيِّنُ وَجْهَ دَلَالَتِهِ. فَإِنَّ تَنْزِيهَهُ نَفْسَهُ عَنْ الْوَلَدِ وَالْوِلَادَةِ وَاِتِّخَاذِ الْوَلَدِ: أَعَمُّ وَأَقْوَمُ مِنْ نَفْيِهِ بِلَفْظِ الْعِلَّةِ. فَإِنَّ الْعِلَّةَ أَصْلُهَا التَّغْيِيرُ كَالْمَرَضِ الَّذِي يُحِيلُ الْبَدَنَ عَنْ صِحَّتِهِ وَالْعَلِيلُ ضِدُّ الصَّحِيحِ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ لَا يُقَالُ " مَعْلُولٌ " إلَّا فِي الشُّرْبِ يُقَالُ: شَرِبَ الْمَاءَ عَلًّا بَعْدَ نَهَلٍ وَعَلَّلْته إذَا سَقَيْته مَرَّةً ثَانِيَةً.
وَأَمَّا اسْتِعْمَالُ اسْمِ " الْعِلَّةِ " فِي الْمُوجِبِ لِلشَّيْءِ أَوْ الْمُقْتَضِي لَهُ فَهُوَ مِنْ عُرْفِ أَهْلِ الْكَلَامِ وَهِيَ - وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعِلَّةِ اللُّغَوِيَّةِ مُنَاسَبَةٌ مِنْ جِهَةِ التَّغَيُّرِ - فَالْمُنَاسَبَةُ فِي لَفْظِ " التَّوَلُّدِ " أَظْهَرُ. وَلِهَذَا كَانَ فِي الْخِطَابِ أَشْهَرَ. يَقُولُ النَّاسُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute