فَصْلٌ:
وَأَمَّا هَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةُ: فَإِنَّهُمْ لَا يَقْتَصِرُونَ فِي كُفْرِهِمْ عَلَى أَنَّهُ وَلَدَ شَيْئًا أَوْ اتَّخَذَ وَلَدًا أَوْ أَنَّهُ بَشَرٌ مَوْلُودٌ؛ لِاتِّحَادِ الرَّبِّ بِهِ. فَإِنَّ هَذَا جَمِيعَهُ يَقْتَضِي إثْبَاتَ شَيْئَيْنِ مُتَمَيِّزَيْنِ اتَّحَدَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ أَوْ حَلَّ فِيهِ وَهَذَا إنَّمَا يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُ بِالِاتِّحَادِ الْخَاصِّ الْمُقَيَّدِ أَوْ الْحُلُولِ الْخَاصِّ الْمُقَيَّدِ. وَهَؤُلَاءِ عِنْدَهُمْ مَا ثَمَّ غَيْرُهُ وَلَا سِوَاهُ وَلَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا وَلَا هُوَ رَبُّ شَيْءٍ وَلَا مَالِكُ شَيْءٍ وَلَا لَهُ عَبْدٌ وَلَا عَابِدٌ وَلَا دَاعٍ يَدْعُوهُ فَيُجِيبُهُ وَلَا مُضْطَرٌّ يَضْطَرُّ إلَيْهِ فَيُجِيبُهُ وَلَا سَائِلٌ يَسْأَلُهُ فَيُجِيبُهُ وَإِنَّمَا يَشْهَدُ الْعَبْدُ هَذِهِ الْمَعَانِيَ؛ إذَا كَانَ مَحْجُوبًا عَنْ شُهُودِ الْوَحْدَةِ الْمُطْلَقَةِ فِي خَيَالِهِ. فَإِذَا انْكَشَفَ حِجَابُ قَلْبِهِ عِنْدَهُمْ: رَأَى مَا ثَمَّ اثْنَيْنِ بِوَجْهِ مِنْ الْوُجُوهِ حَتَّى يَكُونَ أَحَدُهُمَا خَالِقًا وَالْآخَرُ مَخْلُوقًا أَوْ أَحَدُهُمَا عَابِدًا وَالْآخَرُ رَبًّا أَوْ أَحَدُهُمَا وَالِدًا وَالْآخَرُ مَوْلُودًا أَوْ أَحَدُهُمَا شَرِيكًا لِلْآخَرِ أَوْ شَفِيعًا عِنْدَهُ حَتَّى يَتَقَرَّبَ بِعِبَادَتِهِ إلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute