للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ إنَّمَا أُخِذَ عَنْ الْمَلَاحِدَةِ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْمُسْلِمِينَ كالْإِسْمَاعِيلِيَّة. وَكَانَ هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ وَأَتْبَاعُهُمْ مَعْرُوفِينَ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ بِالْإِلْحَادِ وَأَحْسَنُ مَا يُظْهِرُونَ دِينَ الرَّفْضِ وَهُمْ فِي الْبَاطِنِ يُبْطِنُونَ الْكُفْرَ الْمَحْضَ. وَقَدْ صَنَّفَ الْمُسْلِمُونَ فِي كَشْفِ أَسْرَارِهِمْ وَهَتْكِ أَسْتَارِهِمْ كُتُبًا كِبَارًا وَصِغَارًا وَجَاهَدُوهُمْ بِاللِّسَانِ وَالْيَدِ إذْ كَانُوا بِذَلِكَ أَحَقَّ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا كِتَابُ " كَشْفِ الْأَسْرَارِ وَهَتْكِ الْأَسْتَارِ " لِلْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الطَّيِّبِ وَكِتَابُ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَدَ وَكِتَابُ أَبِي حَامِدٍ الْغَزَالِيِّ وَكَلَامُ أَبِي إسْحَاقَ وَكَلَامُ ابْنِ فورك وَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى والشَّهْرَستَانِي. وَغَيْرُ هَذَا مِمَّا يَطُولُ وَصْفُهُ.

وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ ابْنَ سِينَا أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّ أَهْلَ بَيْتِهِ وَأَبَاهُ وَأَخَاهُ كَانُوا مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةِ وَأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَغَلَ بِالْفَلْسَفَةِ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ كَانَ يَسْمَعُهُمْ يَذْكُرُونَ الْعَقْلَ وَالنَّفْسَ. وَهَؤُلَاءِ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ يَنْتَسِبُ إلَيْهِمْ هُمْ مَعَ الْإِلْحَادِ الظَّاهِرِ وَالْكُفْرِ الْبَاطِنِ أَعْلَمُ بِاَللَّهِ مَنْ سَلَفِهِ الْفَلَاسِفَةِ: كَأَرِسْطُو وَأَتْبَاعِهِ؛ فَإِنَّ أُولَئِكَ لَيْسَ عِنْدَهُمْ مِنْ الْعِلْمِ بِاَللَّهِ إلَّا مَا عِنْدَ عُبَّادِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ.

وَقَدْ ذَكَرْت كَلَامَ أَرِسْطُو نَفْسِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي " عِلْمِ مَا بَعْدَ الطَّبِيعَةِ " فِي " مَقَالَةِ اللَّامِ " وَغَيْرِهَا وَهُوَ آخِرُ مُنْتَهَى فَلْسَفَتِهِ وَبَيَّنْت بَعْضَ مَا فِيهِ مِنْ الْجَهْلِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الطَّوَائِفِ الْمَعْرُوفِينَ الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ فِي الْعِلْمِ الْإِلَهِيِّ مَعَ الْخَطَأِ وَالضَّلَالِ مِثْلَ عُلَمَاءِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَأَهْلِ الْبِدَعِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ أَجْهَلُ