وَاسْمُ الْإِيمَانِ قَدْ يَتَنَاوَلُ النَّوْعَيْنِ جَمِيعًا وَقَدْ يَخُصُّ أَحَدَهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ قِيلَ: أَكْثَرُ اخْتِلَافِ الْعُقَلَاءِ مِنْ جِهَةِ أَسْمَائِهِ.
فَصْل:
وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: هَلْ تَكُونُ صِفَةُ الْإِيمَانِ نُورًا يُوقِعُهُ اللَّهُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ وَيَعْرِفُ الْعَبْدُ عِنْدَ وُقُوعِهِ فِي قَلْبِهِ الْحَقَّ مِنْ الْبَاطِلِ؟ فَيُقَالُ لَهُ: قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} قَالَ أبي بْنُ كَعْبٍ وَغَيْرُهُ: مَثَلُ نُورِهِ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ إلَى قَوْلِهِ: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} وَقَالَ تَعَالَى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ} فَالْإِيمَانُ الَّذِي يَهَبُهُ اللَّهُ لِعَبْدِهِ سَمَّاهُ نُورًا وَسُمِّيَ الْوَحْيُ النَّازِلُ مِنْ السَّمَاءِ الَّذِي بِهِ يَحْصُلُ الْإِيمَانُ {نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} وَقَالَ تَعَالَى: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ} وَأَمْثَالُ ذَلِكَ وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ بَلْ يُفَرِّقُ بَيْنَ أَعْظَمِ الْحَقِّ لَكِنْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: بِأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ إيمَانٌ يُفَرِّقُ بِمُجَرَّدِ مَا أُعْطِيَهُ مِنْ الْإِيمَانِ بَيْنَ كُلِّ حَقٍّ وَكُلِّ بَاطِلٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute