للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمَعْرِفَةِ؛ وَلِهَذَا يُسَمُّونَ الْقَوْلَ حَادِيًا لِأَنَّهُ يَحْدُو النُّفُوسَ أَيْ يَبْعَثُهَا وَيَسُوقُهَا كَمَا يَحْدُو حَادِي الْعِيسِ. وَأَمَّا الْحِكْمَةُ وَالْمَوْعِظَةُ الْحَسَنَةُ وَالْجَدَلُ الْأَحْسَنُ؛ فَإِنَّهُ يُعْطِي التَّصْدِيقَ وَالْعَمَلَ فَهُوَ نَافِعٌ مَنْفَعَةً عَظِيمَةً. وَإِنَّمَا قُلْت: إنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ تُشْبِهُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ الْأَقْيِسَةَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي هِيَ: الْبُرْهَانِيَّةُ والخطابية وَالْجَدَلِيَّةُ وَلَيْسَتْ هِيَ؛ بَلْ أَكْمَلُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ لِوُجُوهِ: - أَحَدُهَا: أَنَّ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ تَجْمَعُ نَوْعَيْ: الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ الْخَبَرِ وَالطَّلَبِ عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ؛ بِخِلَافِ الْأَقْيِسَةِ الْمَنْطِقِيَّةِ. وَذَلِكَ أَنَّ الْقِيَاسَ الْعَقْلِيَّ الْمَنْطِقِيَّ: إنَّمَا فَائِدَتُهُ مُجَرَّدُ التَّصْدِيقِ فِي الْقَضَايَا الْخَبَرِيَّةِ سَوَاءٌ تَبِعَ ذَلِكَ عَمَلٌ أَوْ لَمْ يَتْبَعْهُ؛ فَإِنْ كَانَتْ مَوَادُّ الْقِيَاسِ يَقِينِيَّةً: كَانَ بُرْهَانًا سَوَاءٌ كَانَتْ مَشْهُورَةً أَوْ مُسَلَّمَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ؛ وَهُوَ يُفِيدُ الْيَقِينَ وَإِنْ كَانَتْ مَشْهُورَةً؛ أَوْ مَقْبُولَةً سُمِّيَ خَطَابَةً سَوَاءٌ كَانَتْ يَقِينِيَّةً أَوْ لَمْ تَكُنْ وَذَلِكَ يُفِيدُ الِاعْتِقَادَ وَالتَّصْدِيقَ الَّذِي هُوَ بَيْنَ الْيَقِينِ وَالظَّنِّ لَيْسَ أَنَّهُ يُفِيدُ الظَّنَّ دُونَ الْيَقِينِ؛ إذْ لَيْسَ فِي كَوْنِهَا مَشْهُورَةً مَا يَمْنَعُ أَنْ تَكُونَ يَقِينِيَّةً مُفِيدَةً لِلْيَقِينِ. وَفَرْقٌ بَيْنَ مَا لَا يَجِبُ أَنْ يُفِيدَ الْيَقِينَ وَمَا يَمْنَعُ إفَادَةَ الْيَقِينِ. فَالْمَشْهُورَةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ مَشْهُورَةٌ: تُفِيدُ التَّصْدِيقَ وَالْإِقْنَاعَ وَالِاعْتِقَادَ. ثُمَّ إنْ عُرِفَ أَنَّهَا