وَإِخْفَاءُ الْمَنْزِلِ وَإِظْهَارُهُ تَبَعًا لِذَلِكَ. قَالَ تَعَالَى: {يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ} الْآيَةَ. فَهَكَذَا النَّفْسُ الْبَخِيلَةُ الْفَاجِرَةُ قَدْ دَسَّهَا صَاحِبُهَا فِي بَدَنِهِ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ وَلِهَذَا وَقْتَ الْمَوْتِ تُنْزَعُ مِنْ بَدَنِهِ كَمَا يُنْزَعُ السَّفُّودُ مِنْ الصُّوفِ الْمُبْتَلِّ وَالنَّفْسُ الْبَرَّةُ التَّقِيَّةُ النَّقِيَّةُ الَّتِي قَدْ زَكَّاهَا صَاحِبُهَا فَارْتَفَعَتْ وَاتَّسَعَتْ وَمَجَّدَتْ وَنَبُلَتْ فَوَقْتَ الْمَوْتِ تَخْرُجُ مِنْ الْبَدَنِ تَسِيلُ كَالْقَطْرَةِ مِنْ فِي السِّقَاءِ وَكَالشَّعْرَةِ مِنْ الْعَجِينِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " إنَّ لِلْحَسَنَةِ لَنُورًا فِي الْقَلْبِ وَضِيَاءً فِي الْوَجْهِ وَقُوَّةً فِي الْبَدَنِ وَسَعَةً فِي الرِّزْقِ وَمَحَبَّةً فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ وَإِنَّ لِلسَّيِّئَةِ لَظُلْمَةً فِي الْقَلْبِ وَسَوَادًا فِي الْوَجْهِ وَوَهَنًا فِي الْبَدَنِ وَضِيقًا فِي الرِّزْقِ وبغضة فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ " قَالَ تَعَالَى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ} الْآيَةَ. وَهَذَا مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُنْفِقِ. قَالَ: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ} الْآيَةَ. وَقَالَ: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} الْآيَةَ. وَقَالَ لَهُ فِي سِيَاقِ الرَّمْيِ بِالْفَاحِشَةِ وَذَمِّ مَنْ أَحَبّ إظْهَارَهَا فِي الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُتَكَلِّمِ بِمَا لَا يَعْلَمُ: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا} الْآيَةَ. فَبَيَّنَ أَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا تَحْصُلُ بِتَرْكِ الْفَاحِشَةِ وَلِهَذَا قَالَ: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} الْآيَةَ. وَذَلِكَ أَنَّ تَرْكَ السَّيِّئَاتِ هُوَ مِنْ أَعْمَالِ النَّفْسِ فَإِنَّهَا تَعْلَمُ أَنَّ السَّيِّئَاتِ مَذْمُومَةٌ وَمَكْرُوهٌ فِعْلُهَا وَيُجَاهِدُ نَفْسَهُ إذَا دَعَتْهُ إلَيْهَا إنْ كَانَ مُصَدِّقًا لِكِتَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute