للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْأَصْلُ الَّذِي يَجِبُ اعْتِمَادُهُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ. وَأَمَّا التَّعَصُّبُ لِأَمْرِ مِنْ الْأُمُورِ بِلَا هُدًى مِنْ اللَّهِ فَهُوَ مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ. {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} . وَلَا رَيْبَ أَنَّ لَفْظَ " الْفَقْرِ " فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكَلَامِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ لَمْ يَكُونُوا يُرِيدُونَ بِهِ نَفْسَ طَرِيقِ اللَّهِ وَفِعْلَ مَا أُمِرَ بِهِ. وَتَرْكَ مَا نُهِيَ عَنْهُ وَالْأَخْلَاقَ الْمَحْمُودَةَ وَلَا نَحْوَ ذَلِكَ؛ بَلْ الْفَقْرُ عِنْدَهُمْ ضِدُّ الْغِنَى. وَ " الْفُقَرَاءُ " هُمْ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ: {إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} وَفِي قَوْلِهِ: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} وَفِي قَوْلِهِ: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} وَ " الْغَنِيُّ " هُوَ الَّذِي لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ أَوْ الَّذِي تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ أَوْ مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ؛ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْفَقْرُ مَظِنَّةَ الزُّهْدِ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا؛ إذْ مِنْ الْعِصْمَةِ أَنْ لَا تَقْدِرَ وَصَارَ الْمُتَأَخِّرُونَ كَثِيرًا مَا يَقْرِنُونَ بِالْفَقْرِ مَعْنَى الزُّهْدِ وَالزُّهْدُ قَدْ يَكُونُ مَعَ الْغِنَى وَقَدْ يَكُونُ مَعَ الْفَقْرِ. فَفِي الْأَنْبِيَاءِ وَالسَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِمَّنْ هُوَ زَاهِدٌ مَعَ غِنَاهُ كَثِيرٌ. وَ " الزُّهْدُ " الْمَشْرُوعُ تَرْكُ مَا لَا يَنْفَعُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَأَمَّا كُلُّ مَا يَسْتَعِينُ بِهِ الْعَبْدُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ فَلَيْسَ تَرْكُهُ مِنْ الزُّهْدِ الْمَشْرُوعِ