تَعَالَى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيته} وَسُورَةُ الْحِجْرِ مَكِّيَّةٌ بِلَا رَيْبٍ وَفِيهَا كَلَامُ مُشْرِكِي مَكَّةَ وَحَالُهُ مَعَهُمْ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ اللَّهُ يَنْسَؤُهُ فَيُؤَخِّرُ نُزُولَهُ مِنْ الْقُرْآنِ كَانَ يَنْزِلُ قَبْلَهُ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} مَكِّيَّةٌ بِلَا رَيْبٍ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَقَدْ قِيلَ إنَّهَا مَدَنِيَّةٌ وَهُوَ غَلَطٌ ظَاهِرٌ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: الْفَاتِحَةُ لَمْ تَنْزِلْ إلَّا بِالْمَدِينَةِ غَلَطٌ بِلَا رَيْبٍ. وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مَعَنَا أَدِلَّةٌ صَحِيحَةٌ تَدُلُّنَا عَلَى ذَلِكَ لَكَانَ مَنْ قَالَ إنَّهَا مَكِّيَّةٌ مَعَهُ زِيَادَةُ عَلَمٍ.
وَسُورَةُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} أَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي أَسْبَابِ نُزُولِهَا سُؤَالُ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ وَسُؤَالُ الْكُفَّارِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الْيَهُودُ بِالْمَدِينَةِ وَلَا مُنَافَاةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَهَا بِمَكَّةَ أَوَّلًا ثُمَّ لَمَّا سُئِلَ نَحْوَ ذَلِكَ أَنْزَلَهَا مَرَّةً أُخْرَى. وَهَذَا مِمَّا ذَكَرَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَقَالُوا: إنَّ الْآيَةَ أَوْ السُّورَةَ قَدْ تَنْزِلُ مَرَّتَيْنِ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. فَمَا يُذْكَرُ مِنْ أَسْبَابِ النُّزُولِ الْمُتَعَدِّدَةِ قَدْ يَكُونُ جَمِيعُهُ حَقًّا. وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهُ إذَا حَدَثَ سَبَبٌ يُنَاسِبُهَا نَزَلَ جِبْرِيلُ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ لِيُعَلِّمَهُ أَنَّهَا تَتَضَمَّنُ جَوَابَ ذَلِكَ السَّبَبِ وَإِنْ كَانَ الرَّسُولُ يَحْفَظُهَا قَبْلَ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute