للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِخِلَافِ مِثْلَ أَنْ يَنْهَاهَا عَنْ فَاحِشَةٍ أَوْ خِيَانَةٍ أَوْ ظُلْمٍ فَيَقُولُ: إنْ فعلتيه أَنْتِ طَالِقٌ. فَهُوَ وَإِنْ كَانَ يَكْرَهُ طَلَاقَهَا؛ لَكِنْ إذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ الْمُنْكَرَ كَانَ طَلَاقُهَا أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ أَنْ يُقِيمَ مَعَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. فَهَذَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ أَوْقَعُوا الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ إذَا كَانَ قَصْدُهُ وُقُوعَهُ عِنْدَ الشَّرْطِ كَمَا أَلْزَمُوهُ بِالنَّذْرِ؛ بِخِلَافِ مَنْ كَانَ قَصْدُهُ الْيَمِينَ. وَاَلَّذِي قَصْدُهُ الْيَمِينَ هُوَ مِثْلَ الَّذِي يَكْرَهُ الشَّرْطَ وَيَكْرَهُ الْجَزَاءَ وَإِنْ وَقْعَ الشَّرْطُ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: إنْ سَافَرْت مَعَكُمْ فَنِسَائِي طَوَالِقُ وَعَبِيدِي أَحْرَارٌ وَمَالِي صَدَقَةٌ وَعَلَيَّ عَشْرُ حِجَجٍ. وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا مِمَّا يُعْرَفُ قَطْعًا أَنَّهُ لَا يُرِيدُ أَنْ تَلْزَمَهُ هَذِهِ الْأُمُورُ وَإِنْ وُجِدَ الشَّرْطُ. فَهَذَا هُوَ الْحَالِفُ. فَيَجِبُ الْفَرْقُ فِي جَمِيعِ التَّعْلِيقَاتِ وَمَنْ قَصْدُهُ وُقُوعَ الْجَزَاءِ وَمَنْ قَصْدُهُ الْيَمِينَ. فَإِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلَّقًا بِصِفَةِ يَقْصِدُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ عِنْدَهَا: وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ إذَا كَانَ حَلَالًا وَهُوَ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ أَوْ حَامِلٌ قَدْ تَبَيَّنَ حَمْلُهَا. " وَأَمَّا الطَّلَاقُ الْحَرَامُ " كَمَا لَوْ طَلَّقَ فِي الْحَيْضِ أَوْ الطُّهْرِ بَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا وَقَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا: فَفِيهِ نِزَاعٌ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ كَمَا لَا يَلْزَمُ النِّكَاحُ الْمُحَرَّمُ وَنَحْوُهُ. وَجَمْعُ الثَّلَاثِ حَرَامٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. فَإِذَا طَلَّقَ ثَلَاثًا: فَهَلْ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ؟ أَوْ وَاحِدَةٌ؟ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا وَاحِدَةٌ. وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.