مَحْسُوسَةً لَهُمْ بِالْحِسِّ الْبَاطِنِ؛ لَكِنَّ النَّاسَ فِي حَقَائِقِ الْإِيمَانِ مُتَفَاضِلُونَ تَفَاضُلًا عَظِيمًا فَأَهْلُ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا يَعْلَمُونَ حَالَ أَهْلِ السُّفْلَى مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ كَمَا أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ يَنْزِلُ الْأَعْلَى إلَى الْأَسْفَلِ وَلَا يَصْعَدُ الْأَسْفَلُ إلَى الْأَعْلَى وَالْعَالِمُ يَعْرِفُ الْجَاهِلَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ جَاهِلًا وَالْجَاهِلُ لَا يَعْرِفُ الْعَالِمَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا؛ فَلِهَذَا كَانَ فِي حَقَائِقِ الْإِيمَانِ الْبَاطِنَةِ وَحَقَائِقِ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ الَّتِي أَخْبَرَتْ بِهَا الرُّسُلُ مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا خَوَاصُّ النَّاسِ فَيَكُونُ هَذَا الْعِلْمُ بَاطِنًا مِنْ جِهَتَيْنِ: مِنْ جِهَةِ كَوْنِ الْمَعْلُومِ بَاطِنًا وَمِنْ جِهَةِ كَوْنِ الْعِلْمِ بَاطِنًا لَا يَعْرِفُهُ أَكْثَرُ النَّاسِ. ثُمَّ إنَّ هَذَا الْكَلَامَ فِي هَذَا الْعِلْمِ يَدْخُلُ فِيهِ مِنْ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ مَا لَا يَدْخُلُ فِي غَيْرِهِ فَمَا وَافَقَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ فَهُوَ حَقٌّ وَمَا خَالَفَ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ كَالْكَلَامِ فِي الْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ.
فَصْلٌ:
وَأَمَّا إذَا أُرِيدَ بِالْعِلْمِ الْبَاطِنِ الْعِلْمُ الَّذِي يَبْطُنُ عَنْ أَكْثَرِ النَّاسِ أَوْ عَنْ بَعْضِهِمْ فَهَذَا عَلَى نَوْعَيْنِ: " أَحَدُهُمَا " بَاطِنٌ يُخَالِفُ الْعِلْمَ الظَّاهِرَ. و " الثَّانِي " لَا يُخَالِفُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute