عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ قَالَ {إنَّ اللَّهَ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} وَقَالَ {لَوْ كُنْت مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاِتَّخَذْت أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا وَلَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ} يَعْنِي نَفْسَهُ وَلِهَذَا اتَّفَقَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا وَسَائِرُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ أَنَّ اللَّهَ نَفْسَهُ يُحَبُّ وَيُحِبُّ. وَأَنْكَرَتْ الْجَهْمِيَّة وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ مَحَبَّتَهُ. وَأَوَّلُ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ شَيْخُ الْجَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ فَضَحَّى بِهِ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ بِوَاسِطِ وَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ ضَحُّوا تَقَبَّلَ اللَّهُ ضَحَايَاكُمْ فَإِنِّي مُضَحٍّ بِالْجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ إنَّهُ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَّخِذْ إبْرَاهِيمَ خَلِيلًا وَلَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى تَكْلِيمًا تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ الْجَعْدُ عُلُوًّا كَبِيرًا. ثُمَّ نَزَلَ فَذَبَحَهُ. وَهَذَا أَصْلُ مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ إمَامًا لِلنَّاسِ قَالَ تَعَالَى {وَإِذِ ابْتَلَى إبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إمَامًا} وَقَالَ {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} . وَمَنْ قَالَ: إنَّ الْمُرَادَ بِمَحَبَّةِ اللَّهِ مَحَبَّةُ التَّقَرُّبِ إلَيْهِ فَقَوْلُهُ مُتَنَاقِضٌ؛ فَإِنَّ مَحَبَّةَ التَّقَرُّبِ إلَيْهِ تَبَعٌ لِمَحَبَّتِهِ. فَمَنْ أَحَبَّ اللَّهَ نَفْسَهُ أَحَبَّ التَّقَرُّبَ إلَيْهِ وَمَنْ كَانَ لَا يُحِبُّهُ نَفْسَهُ امْتَنَعَ أَنْ يُحِبَّ التَّقَرُّبَ إلَيْهِ. وَأَمَّا مَنْ كَانَ لَا يُطِيعُهُ وَلَا يَمْتَثِلُ أَمْرَهُ إلَّا لِأَجْلِ غَرَضٍ آخَرَ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا يُحِبُّ ذَلِكَ الْغَرَضَ الَّذِي عَمِلَ لِأَجْلِهِ وَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute