للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِنْفَاقَهُ فِي الْمَعَاصِي: فَهَؤُلَاءِ فُسَّاقٌ مُسْتَحِقُّونَ لِلْوَعِيدِ. وَإِنْ كَانَ مَقْصُودُهُمْ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا؛ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ: فَهَؤُلَاءِ مُجَاهِدُونَ؛ لَكِنْ إذَا كَانَتْ لَهُمْ كَبَائِرُ كَانَ لَهُمْ حَسَنَاتٌ وَسَيِّئَاتٌ. وَأَمَّا إنْ كَانُوا يُغِيرُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ هُنَاكَ: فَهَؤُلَاءِ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ؛ مُحَارِبُونَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ؛ مُسْتَحِقُّونَ لِلْعُقُوبَةِ الْبَلِيغَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:

عَنْ جُنْدِيٍّ مَعَ أَمِيرٍ، وَطَلَعَ السُّلْطَانُ إلَى الصَّيْدِ، وَرَسَمَ السُّلْطَانُ بِنَهْبِ نَاسٍ مِنْ الْعَرَبِ وَقَتْلِهِمْ، فَطَلَعَ إلَى الْجَبَلِ فَوَجَدَ ثَلَاثِينَ نَفَرًا فَهَرَبُوا، فَقَالَ الْأَمِيرُ: سُوقُوا خَلْفَهُمْ، فَرَدُّوا عَلَيْهِمْ لِيُحَارِبُوا، فَوَقَعَ مِنْ الْجُنْدِيِّ ضَرْبَةٌ فِي وَاحِدٍ فَمَاتَ: فَهَلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟

فَأَجَابَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، إذَا كَانَ هَذَا الْمَطْلُوبُ مِنْ الطَّائِفَةِ الْمُفْسِدَةِ الظَّلَمَةِ الَّذِينَ خَرَجُوا عَنْ الطَّاعَةِ وَفَارَقُوا الْجَمَاعَةَ وَعَدَوْا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَقَدْ طُلِبُوا لِيُقَامَ فِيهِمْ أَمْرُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ: فَهَذَا الَّذِي عَادَ مِنْهُمْ مُقَاتِلًا يَجُوزُ قِتَالُهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ؛ بَلْ الْمُحَارِبُونَ يَسْتَوِي فِيهِمْ الْمُعَاوِنُ وَالْمُبَاشِرُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْأَئِمَّةِ: كَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَأَحْمَد، فَمَنْ كَانَ مُعَاوِنًا كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَهُمْ.