للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِكَلِمَاتِهِ - وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ. يُبَيِّنُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ} {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ قَدَّمَ إلَيْهِمْ بِالْوَعِيدِ وَقَالَ: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ صَادِقٌ فِي وَعِيدِهِ أَيْضًا وَأَنَّ وَعِيدَهُ لَا يُبَدَّلُ. وَهَذَا مِمَّا احْتَجَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ فُسَّاقَ الْمِلَّةِ لَا يَخْرُجُونَ مِنْ النَّارِ. وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهِمْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ؛ لَكِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تُضْعِفُ جَوَابَ مَنْ يَقُولُ: إنَّ إخْلَافَ الْوَعِيدِ جَائِزٌ. فَإِنَّ قَوْلَهُ: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} بَعْدَ قَوْلِهِ: {وَقَدْ قَدَّمْتُ إلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ} دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ وَعِيدَهُ لَا يُبَدَّلُ كَمَا لَا يُبَدَّلُ وَعْدَهُ. لَكِنَّ التَّحْقِيقَ الْجَمْعُ بَيْنَ نُصُوصِ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَتَفْسِيرُ بَعْضِهَا بِبَعْضِ مِنْ غَيْرِ تَبْدِيلِ شَيْءٍ مِنْهَا كَمَا يَجْمَعُ بَيْنَ نُصُوصِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مِنْ غَيْرِ تَبْدِيلِ شَيْءٍ مِنْهَا. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إذَا انْطَلَقْتُمْ إلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.


آخِرُ الْمُجَلَّدِ الرَابِعُ عَشَرَ