للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَفْيِ الْمَحَبَّةِ وَيُخَالِفُونَهُمْ فِي إثْبَاتِ الرُّؤْيَةِ وَلَكِنَّ الرُّؤْيَةَ الَّتِي يُثْبِتُونَهَا لَا حَقِيقَةَ لَهَا.

وَأَوَّلُ مَنْ عُرِفَ عَنْهُ فِي الْإِسْلَامِ أَنَّهُ أَنْكَرَ أَنَّ اللَّهَ يَتَكَلَّمُ وَأَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ عِبَادَهُ: " الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ ". وَلِهَذَا أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ اتَّخَذَ اللَّهُ إبْرَاهِيمَ خَلِيلًا أَوْ كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيمًا فَضَحَّى بِهِ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ وَقَالَ: ضَحُّوا أَيُّهَا النَّاسُ تَقَبَّلَ اللَّهُ ضَحَايَاكُمْ فَإِنِّي مُضَحٍّ بِالْجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ إنَّهُ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَّخِذْ إبْرَاهِيمَ خَلِيلًا وَلَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى تَكْلِيمًا تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُهُ الْجَعْدُ عُلُوًّا كَبِيرًا. ثُمَّ نَزَلَ فَذَبَحَهُ. وَأَمَّا " الصُّوفِيَّةُ " فَهُمْ يُثْبِتُونَ الْمَحَبَّةَ بَلْ هَذَا أَظْهَرُ عِنْدَهُمْ مِنْ جَمِيعِ الْأُمُورِ وَأَصْلُ طَرِيقَتِهِمْ إنَّمَا هِيَ الْإِرَادَةُ وَالْمَحَبَّةُ وَإِثْبَاتُ مَحَبَّةِ اللَّهِ مَشْهُورٌ فِي كَلَامِ أَوَّلِيهِمْ وآخريهم كَمَا هُوَ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَاتِّفَاقِ السَّلَفِ. وَالْمَحَبَّةُ جِنْسٌ تَحْتَهُ أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ فَكُلُّ عَابِدٍ مُحِبٌّ لِمَعْبُودِهِ: فَالْمُشْرِكُونَ يُحِبُّونَ آلِهَتَهُمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} وَفِيهِ قَوْلَانِ. (أَحَدُهُمَا) : يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ. وَ (الثَّانِي) : يُحِبُّونَهُمْ كَمَا