هَذَا التَّقْدِيرِ. وَأَيْضًا: فَالْأَفْلَاكُ فِي أَشْكَالِهَا وَإِحَاطَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ؛ فَنِسْبَةُ السَّابِعِ إلَى السَّادِسِ كَنِسْبَةِ السَّادِسِ إلَى الْخَامِسِ؛ وَإِذَا كَانَ هُنَاكَ فَلَكٌ تَاسِعٌ فَنِسْبَتُهُ إلَى الثَّامِنِ كَنِسْبَةِ الثَّامِنِ إلَى السَّابِعِ. وَأَمَّا " الْعَرْشُ " فَالْأَخْبَارُ تَدُلُّ عَلَى مُبَايَنَتِهِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ وَأَنَّهُ لَيْسَ نِسْبَتُهُ إلَى بَعْضِهَا كَنِسْبَةِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ} الْآيَةَ. وَقَالَ سُبْحَانَهُ: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} . فَأَخْبَرَ أَنَّ لِلْعَرْشِ حَمَلَةً الْيَوْمَ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَنَّ حَمَلَتَهُ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلْمُؤْمِنِينَ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ قِيَامَ فَلَكٍ مِنْ الْأَفْلَاكِ - بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى - كَقِيَامِ سَائِرِ الْأَفْلَاكِ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كُرَةٍ وَكُرَةٍ وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّ لِبَعْضِهَا مَلَائِكَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ تَحْمِلُهَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ نَظِيرِهِ. قَالَ تَعَالَى {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} الْآيَةَ. فَذَكَرَ هُنَا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَحُفُّ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ لَهُ حَمْلَةً وَجَمَعَ فِي مَوْضِعٍ ثَالِثٍ بَيْنَ حَمَلَتِهِ وَمَنْ حَوْلَهُ فَقَالَ: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ} . وَ " أَيْضًا " فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ عَرْشَهُ كَانَ عَلَى الْمَاءِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute