وقد وقع سقط في هذا الموضع بدليلين: الأول: أن ظاهر الرواية الثانية أن القائل (إن أخاف أن أكون قد هلكت) هو عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، لأنه قال (وفي رواية عنه أنه قال) يعني ابن عوف رضي الله عنه، فمن الذي قرر له معنى الآية القائل (ليس ذالك بالشح الذي ذكره الله. . .)؟ وهو المستشهد بكلامه. والثاني: أن الشيخ رحمه الله قال بعد صفحة (ص ٥٩٠): (وابن مسعود جعل البخل خارجا عن الشح)، ولم يتقدم ذكر لابن مسعود في هذا! فهذا الموضع قد سقط منه الرواية الثانية التي عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، مع أول رواية ابن مسعود رضي الله عنه - وهو صاحب الأثر -، وألصقت روايته بتلك الرواية فحصل الخلل. والذي يظهر - والله أعلم - أن النص بعد التصحيح كالتالي: (وقد كان عبد الرحمن بن عوف يكثر في طوافه بالبيت، وبالوقوف بعرفة أن يقول: اللهم قني شح نفسي، فسئل عن ذلك، فقال: إذا وقيت شح نفسي، وقيت الظلم والبخل والقطيعة. وفي رواية عنه قال: [إني إذا وقيت شح نفسي لم أسرق ولم أزن ولم أفعل] [وجاء رجل إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال له:] إني أخاف أن أكون قد هلكت، قال: وماذاك؟ قال: أسمع الله يقول: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ}، وأنا رجل شحيح لا يكاد يخرج من يدي شيء، فقال: ليس ذاك بالشح الذي ذكره الله في القرآن إنما الشح أن تأكل مال أخيك ظلمًا، وإنما يكن بالبخل وبئس الشيء البخل).