للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي امْرَأَةِ الْكَافِرِ هَلْ عَلَيْهَا عِدَّةٌ؟ أَمْ اسْتِبْرَاءٌ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ؛ وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا. وَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رَدِّ إنَاثِ عَبِيدِ الْمُعَاهِدِينَ: فَهُوَ نَظِيرُ رَدِّ مُهُورِ النِّسَاءِ الْمُهَاجِرَاتِ مِنْ أَهْلِ الْهُدْنَةِ وَهُنَّ الْمُمْتَحَنَاتِ اللَّاتِي قَالَ اللَّهُ فِيهِنَّ: {إذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} الْآيَةَ. وَمِنْ أَنَّهُ كَانَ إذَا هَاجَرَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا. فَهَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَتْ امْرَأَتُهُ: هَلْ تَتَعَجَّلُ الْفُرْقَةَ مُطْلَقًا؟ أَوْ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا؟ أَوْ الْأَمْرُ مَوْقُوفٌ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ فَإِذَا أَسْلَمَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ؟ وَالْأَحَادِيثُ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَمِنْهَا هَذَا الْحَدِيثُ وَمِنْهَا حَدِيثُ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ الثَّابِتَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ رَدَّهَا بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ؛ كَمَا رَوَاهُ أَحْمَد فِي مُسْنَدِهِ وَرَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ: أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: {رَدُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي العاص بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ لَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا} وَفِي رِوَايَةٍ " بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ " وَفِي إسْنَادِهِ ابْنُ إسْحَاقَ؛ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: لَيْسَ بِإِسْنَادِهِ بَأْسٌ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ {عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَسْلَمَتْ امْرَأَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَزَوَّجَتْ؛ فَجَاءَ زَوْجُهَا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي كُنْت أَسْلَمْت؛ وَعَلِمَتْ بِإِسْلَامِي: فَانْتَزَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ زَوْجِهَا الْآخَرِ؛ وَرَدَّهَا إلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ} وَفِي إسْنَادِهِ سِمَاكٌ.