للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا الْمَعْنَى قَدْ ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ يَذُمُّ مَنْ يُشْرِكُ بِهِ بَعْدَ كَشْفِ الْبَلَاءِ عَنْهُ وَإِسْبَاغِ النَّعْمَاءِ عَلَيْهِ فَيُضِيفُ الْعَبْدُ - بَعْدَ ذَلِكَ - الْإِنْعَامَ إلَى غَيْرِهِ. وَيَعْبُدُ غَيْرَهُ تَعَالَى. وَيَجْعَلُ الْمَشْكُورَ غَيْرَهُ عَلَى النِّعَمِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إلَيْهِ ثُمَّ إذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ} {لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} وَقَالَ تَعَالَى {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} {قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ} وَقَالَ تَعَالَى {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إلَيْهِ ثُمَّ إذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ} . وَقَوْلُهُ {نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إلَيْهِ} أَيْ نَسِيَ الضُّرَّ الَّذِي كَانَ يَدْعُو اللَّهُ لِدَفْعِهِ عَنْهُ كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} {بَلْ إيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إلَيْهِ إنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ} . فَذَمَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ حِزْبَيْنِ: حِزْبًا لَا يَدْعُونَهُ فِي الضَّرَّاءِ. وَلَا يَتُوبُونَ إلَيْهِ. وَحِزْبًا يَدْعُونَهُ وَيَتَضَرَّعُونَ إلَيْهِ وَيَتُوبُونَ إلَيْهِ. فَإِذَا