للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِرْقَةٌ كَذَّبَتْ بِهَذَا، وَقَالَتْ: إنَّهُ لَا يَخْلُقُ أَفْعَالَ الْعِبَادِ، وَلَا يَشَاءُ كُلُّ مَا يَكُونُ. لِأَنَّ الذُّنُوبَ قَبِيحَةٌ، وَهُوَ لَا يَفْعَلُ الْقَبِيحَ. وَإِرَادَتُهَا قَبِيحَةٌ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ الْقَبِيحَ. وَفِرْقَةٌ: لَمَّا رَأَتْ أَنَّهُ خَالِقُ هَذَا كُلِّهِ وَلَمْ تُؤْمِنْ أَنَّهُ خَلَقَ هَذَا لِحِكْمَةِ بَلْ قَالَتْ: إذَا كَانَ يَخْلُقُ هَذَا: فَيَجُوزُ أَنْ يَخْلُقَ كُلَّ شَرٍّ، وَلَا يَخْلُقُ شَيْئًا لِحِكْمَةِ. وَمَا ثَمَّ فِعْلٌ تَنَزَّهَ عَنْهُ. بَلْ كُلُّ مَا كَانَ مُمْكِنًا جَازَ أَنْ يَفْعَلَهُ. وَجَوَّزُوا: أَنْ يَأْمُرَ بِكُلِّ كُفْرٍ وَمَعْصِيَةٍ. وَيَنْهَى عَنْ كُلِّ إيمَانٍ وَطَاعَةٍ، وَصَدْقٍ وَعَدْلٍ. وَأَنْ يُعَذِّبَ الْأَنْبِيَاءَ، وَيُنَعِّمَ الْفَرَاعِنَةَ وَالْمُشْرِكِينَ وَغَيْرَ ذَلِك. وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَفْعُولٍ وَمَفْعُولٍ. وَهَذَا مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ، كَالْأَوَّلِ. قَالَ تَعَالَى {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} وَقَالَ تَعَالَى {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} وَقَالَ تَعَالَى {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} وَنَحْوِ ذَلِك مِمَّا يُوجِبُ أَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، وَبَيْنَ الْمُحْسِنِ