للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ - وَلَوْ قَدَرَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ مِنْ الزَّكَوَاتِ مَا يَكْفِيهِمْ وَأَمْوَالُ بَيْتِ الْمَالِ مُسْتَغْرَقَةٌ بِالْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ كَانَ إعْطَاءُ الْعَاجِزِ مِنْهُمْ عَنْ الْكَسْبِ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ. فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا أَنْ يُطْعِمُوا الْجَائِعَ وَيَكْسُوا الْعَارِيَ وَلَا يَدْعُوا بَيْنَهُمْ مُحْتَاجًا. وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ الْفَاضِلِ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا. وَأَمَّا مَنْ يَأْخُذُ بِمَصْلَحَةِ عَامَّةٍ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مَعَ حَاجَتِهِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. وَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَعَ الْغَنِيِّ - كَالْقَاضِي وَالشَّاهِدِ وَالْمُفْتِي وَالْحَاسِبِ وَالْمُقْرِي وَالْمُحْدِثِ إذَا كَانَ غَنِيًّا؟ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَرْتَزِقَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَعَ غِنَاهُ؟ - قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ لِلْعُلَمَاءِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ عِنَايَةَ الْإِمَامِ بِأَهْلِ الْحَاجَاتِ تَجِبُ أَنْ تَكُونَ فَوْقَ عِنَايَتِهِ بِأَهْلِ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ الَّتِي لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْهَا فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ كَالْجِهَادِ وَالْوِلَايَةِ وَالْعِلْمِ: لَيْسَ بِمُسْتَقِيمِ لِوُجُوهِ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي مَالِ الْفَيْءِ وَالْمَصَالِحِ أَنْ يُقَدَّمَ أَهْلُ الْمَنْفَعَةِ الْعَامَّةِ. وَأَمَّا مَالُ الصَّدَقَاتِ فَيَأْخُذُهُ نَوْعَانِ: نَوْعٌ يَأْخُذُ بِحَاجَتِهِ: كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْغَارِمِينَ لِمَصْلَحَةِ أَنْفُسِهِمْ وَابْنِ السَّبِيلِ. وَقَوْمٌ يَأْخُذُونَ لِمَنْفَعَتِهِمْ: كَالْعَامِلِينَ وَالْغَارِمِينَ فِي إصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ. كَمَنَ فِيهِ نَفْعٌ عَامٌّ: كَالْمُقَاتِلَةِ وَوُلَاةِ أُمُورِهِمْ وَفِي سَبِيلِ