كَابْنِ حَزْمٍ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ بَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا وَالْقِيَاسُ الْعَقْلِيُّ يَتَنَاوَلُهُمَا جَمِيعًا وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ مَنْ تَكَلَّمَ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَأُصُولِ الْفِقْهِ وَأَنْوَاعِ الْعُلُومِ الْعَقْلِيَّةِ وَهُوَ الصَّوَابُ فَإِنَّ حَقِيقَةَ أَحَدِهِمَا هُوَ حَقِيقَةُ الْآخَرِ وَإِنَّمَا تَخْتَلِفُ صُورَةُ الِاسْتِدْلَالِ. وَ " الْقِيَاسُ فِي اللُّغَةِ " تَقْدِيرُ الشَّيْءِ بِغَيْرِهِ وَهَذَا يَتَنَاوَلُ تَقْدِيرَ الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ بِنَظِيرِهِ الْمُعَيَّنِ وَتَقْدِيرَهُ بِالْأَمْرِ الْكُلِّيِّ الْمُتَنَاوِلِ لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ فَإِنَّ الْكُلِّيَّ هُوَ مِثَالٌ فِي الذِّهْنِ لِجُزْئِيَّاتِهِ؛ وَلِهَذَا كَانَ مُطَابِقًا مُوَافِقًا لَهُ. وَ " قِيَاسُ الشُّمُولِ " هُوَ انْتِقَالُ الذِّهْنِ مِنْ الْمُعَيَّنِ إلَى الْمَعْنَى الْعَامِّ الْمُشْتَرَكِ الْكُلِّيِّ الْمُتَنَاوِلِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَالْحُكْمُ عَلَيْهِ بِمَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرَكَ الْكُلِّيَّ بِأَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ ذَلِكَ الْكُلِّيِّ اللَّازِمِ إلَى الْمَلْزُومِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمُعَيَّنُ فَهُوَ انْتِقَالٌ مِنْ خَاصٍّ إلَى عَامٍّ ثُمَّ انْتِقَالٌ مِنْ ذَلِكَ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ مِنْ جُزْئِيٍّ إلَى كُلِّيٍّ ثُمَّ مِنْ ذَلِكَ الْكُلِّيِّ إلَى الْجُزْئِيِّ الْأَوَّلِ فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْكُلِّيِّ. وَلِهَذَا كَانَ الدَّلِيلُ أَخَصَّ مِنْ مَدْلُولِهِ الَّذِي هُوَ الْحُكْمُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الدَّلِيلِ وُجُودُ الْحُكْمِ وَاللَّازِمُ لَا يَكُونُ أَخَصَّ مِنْ مَلْزُومِهِ بَلْ أَعَمَّ مِنْهُ أَوْ مُسَاوِيهِ وَهُوَ الْمُعْنَى بِكَوْنِهِ أَعَمَّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute