للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزَّرْعِ قَدْ يَحْصُلُ وَقَدْ لَا يَحْصُلُ كَانَ فِي هَذَا حُصُولُ أَحَدِ الْمُتَعَاوِضَيْنِ عَلَى مَقْصُودِهِ دُونَ الْآخَرِ. وَأَمَّا الْمُزَارَعَةُ فَإِنْ حَصَلَ الزَّرْعُ اشْتَرَكَا فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ اشْتَرَكَا فِي الْحِرْمَانِ فَلَا يَخْتَصُّ أَحَدُهُمَا بِحُصُولِ مَقْصُودِهِ دُونَ الْآخَرِ فَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الْعَدْلِ وَأَبْعَدُ عَنْ الظُّلْمِ مِنْ الْإِجَارَةِ. وَالْأَصْلُ فِي الْعُقُودِ جَمِيعِهَا هُوَ الْعَدْلُ؛ فَإِنَّهُ بُعِثَتْ بِهِ الرُّسُلُ وَأُنْزِلَتْ الْكُتُبُ قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} وَالشَّارِعُ نَهَى عَنْ الرِّبَا لِمَا فِيهِ مِنْ الظُّلْمِ وَعَنْ الْمَيْسِرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الظُّلْمِ وَالْقُرْآنُ جَاءَ بِتَحْرِيمِ هَذَا وَهَذَا وَكِلَاهُمَا أَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ وَمَا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ: كَبَيْعِ الْغَرَرِ وَبَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَبَيْعِ السِّنِينَ وَبَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ وَبَيْعِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ: هِيَ دَاخِلَةٌ إمَّا فِي الرِّبَا وَإِمَّا فِي الْمَيْسِرِ فَالْإِجَارَةُ بِالْأُجْرَةِ الْمَجْهُولَةِ مِثْلَ أَنْ يَكْرِيَهُ الدَّارَ بِمَا يَكْسِبُهُ الْمُكْتَرِي فِي حَانُوتِهِ مِنْ الْمَالِ هُوَ مِنْ الْمَيْسِرِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ. وَأَمَّا الْمُضَارَبَةُ وَالْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ الْمَيْسِرِ بَلْ هُوَ مِنْ أَقْوَمِ الْعَدْلِ. وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ لَك أَنَّ الْمُزَارَعَةَ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ