للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَشْرًا} . فَاَللَّهُ يَجْزِيهِ عَلَى هَذَا السَّلَامِ أَفْضَلَ مِمَّا يَحْصُلُ بِالرَّدِّ كَمَا أَنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مَرَّةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ. لَا يَقِفُ لَا لِدُعَاءِ لَهُ وَلَا لِنَفْسِهِ. وَلِهَذَا كَرِهَ مَالِكٌ مَا زَادَ عَلَى فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ وُقُوفٍ لَهُ أَوْ لِنَفْسِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فَكَانَ بِدْعَةً مَحْضَةً. قَالَ مَالِكٌ: لَنْ يُصْلِحَ آخِرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ إلَّا مَا أَصْلَحَ أَوَّلَهَا. مَعَ أَنَّ فِعْلَ ابْنِ عُمَرَ إذَا لَمْ يَفْعَلْ مِثْلَهُ سَائِرُ الصَّحَابَةِ إنَّمَا يَصْلُحُ لِلتَّسْوِيغِ كَأَمْثَالِ ذَلِكَ فِيمَا فَعَلَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ. وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مُسْتَحَبٌّ أَوْ مَنْهِيٌّ عَنْهُ أَوْ مُبَاحٌ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِدَلِيلِ شَرْعِيٍّ فَالْوُجُوبُ وَالنَّدْبُ وَالْإِبَاحَةُ وَالِاسْتِحْبَابُ وَالْكَرَاهَةُ وَالتَّحْرِيمُ لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْهَا إلَّا بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ مَرْجِعُهَا كُلُّهَا إلَيْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ. فَالْقُرْآنُ هُوَ الَّذِي بَلَّغَهُ. وَالسُّنَّةُ هُوَ الَّذِي عَلَّمَهَا. وَالْإِجْمَاعُ بِقَوْلِهِ عُرِفَ أَنَّهُ مَعْصُومٌ. وَالْقِيَاسُ إنَّمَا يَكُونُ حُجَّةً إذَا عَلِمْنَا أَنَّ الْفَرْعَ مِثْلَ الْأَصْلِ وَأَنَّ عِلَّةَ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ. وَقَدْ عَلَّمَنَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَنَاقَضُ فَلَا يَحْكُمُ فِي الْمُتَمَاثِلَيْنِ بِحُكْمَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ وَلَا يَحْكُمُ بِالْحُكْمِ لِعِلَّةِ تَارَةً وَيَمْنَعُهُ أُخْرَى مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ إلَّا لِاخْتِصَاصِ إحْدَى الصُّورَتَيْنِ بِمَا يُوجِبُ التَّخْصِيصَ. فَشَرْعُهُ هُوَ مَا شَرَعَهُ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُنَّتُهُ مَا سَنَّهَا هُوَ لَا يُضَافُ إلَيْهِ قَوْلُ غَيْرِهِ