للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلْيَسْتَنَّ بِمَنْ قَدْ مَاتَ فَإِنَّ الْحَيَّ لَا تُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ أُولَئِكَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ أَبَرُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ قُلُوبًا وَأَعْمَقُهَا عِلْمًا وَأَقَلُّهَا تَكَلُّفًا. قَوْمٌ اخْتَارَهُمْ اللَّهُ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ وَإِقَامَةِ دِينِهِ فَاعْرِفُوا لَهُمْ حَقَّهُمْ وَتَمَسَّكُوا بِهَدْيِهِمْ فَإِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْهَدْيِ الْمُسْتَقِيمِ. وَبَسْطُ هَذَا لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ الصَّحَابَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ تَرَكُوا الْبِدَعَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْقُبُورِ كَقَبْرِهِ الْمُكَرَّمِ وَقَبْرِ غَيْرِهِ لِنَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَلِئَلَّا يَتَشَبَّهُوا بِأَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا قُبُورَ الْأَنْبِيَاءِ أَوْثَانًا. وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ يَأْتِي مِنْ خَارِجٍ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ كَمَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ. بَلْ كَانُوا فِي حَيَاتِهِ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَخْرُجُونَ مِنْ الْمَسْجِدِ لَا يَأْتُونَ إلَيْهِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ. وَإِذَا جَاءَ أَحَدُهُمْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ رَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّلَامَ. وَكَذَلِكَ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَبْرِهِ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَكَانُوا يَدْخُلُونَ عَلَى عَائِشَةَ فَكَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ كَمَا كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ وَيَقُولُ أَحَدُهُمْ: السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. وَقَدْ جَاءَ هَذَا عَامًّا فِي جَمِيعِ قُبُورِ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا مِنْ رَجُلٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ الرَّجُلِ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إلَّا رَدَّ اللَّهُ رُوحَهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ. فَإِذَا كَانَ رَدُّ السَّلَامِ مَوْجُودًا فِي عُمُومِ الْمُؤْمِنِينَ فَهُوَ فِي أَفْضَلِ الْخَلْقِ أَوْلَى. وَإِذَا سَلَّمَ الْمُسْلِمُ عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ لَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ عَشْرًا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ {مَنْ سَلَّمَ عَلَيَّ مَرَّةً سَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ