فَلَمَّا خَرَجَتْ الْخَوَارِجُ أُتِيَ فَقِيلَ لَهُ: هَذَا وَقْتُك فَقَالَ: لَا نَفَعَتْنِي مَوْعِظَةُ الْعَبْدِ الصَّالِحِ.
وَلَمَّا سُئِلَ " مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ " - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كَيْفَ اسْتَوَى؟ فَأَطْرَقَ مَالِكٌ وَعَلَاهُ الرُّحَضَاءُ - يَعْنِي الْعَرَقَ - وَانْتَظَرَ الْقَوْمُ مَا يَجِيءُ مِنْهُ فِيهِ. فَرَفَعَ رَأْسَهُ إلَى السَّائِلِ وَقَالَ: " الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ وَأَحْسَبُك رَجُلُ سَوْءٍ ". وَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ. وَمَنْ أَوَّلَ الِاسْتِوَاءَ بِالِاسْتِيلَاءِ فَقَدْ أَجَابَ بِغَيْرِ مَا أَجَابَ بِهِ مَالِكٌ وَسَلَكَ غَيْرَ سَبِيلِهِ. وَهَذَا الْجَوَابُ مِنْ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الِاسْتِوَاءِ شَافٍ كَافٍ فِي جَمِيعِ الصِّفَاتِ. مِثْلَ النُّزُولِ وَالْمَجِيءِ وَالْيَدِ وَالْوَجْهِ وَغَيْرِهَا. فَيُقَالُ فِي مِثْلِ النُّزُولِ: النُّزُولُ مَعْلُومٌ وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ. وَهَكَذَا يُقَالُ فِي سَائِرِ الصِّفَاتِ إذْ هِيَ بِمَثَابَةِ الِاسْتِوَاءِ الْوَارِدِ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ. وَثَبَتَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ - صَاحِبِ أَبِي حَنِيفَةَ - أَنَّهُ قَالَ: " اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ مِنْ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ: عَلَى الْإِيمَانِ بِالْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الثِّقَاتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِفَةِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ غَيْرِ تَفْسِيرٍ وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute