كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالسُّنَّةِ وَاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ الْمَتْبُوعِينَ؛ بِخِلَافِ دُخُولِ كِرَاءِ الشَّجَرِ؛ فَإِنَّ تَحْرِيمَهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَلَا نَصَّ عَلَيْهِ. وَأَيْضًا: فَمَتَى أُكْرِيَتْ الْأَرْضُ وَحْدَهَا وَبَقِيَ الشَّجَرُ لَمْ يَكُنْ الْمُكْتَرِي مَأْمُونًا عَلَى الثَّمَرِ فَيُفْضِي إلَى اخْتِلَافِ الْأَيْدِي وَسُوءِ الْمُشَارَكَةِ. كَمَا إذَا بَدَا الصَّلَاحُ فِي نَوْعٍ وَاحِدٍ وَيَخْرُجُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مِثْلُ قَوْلِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ: إذَا بَدَا الصَّلَاحُ فِي جِنْسٍ - وَكَانَ فِي بَيْعِهِ مُتَفَرِّقًا ضَرَرٌ - جَازَ بَيْعُ جَمِيعِ الْأَجْنَاسِ؛ لِتَعَسُّرِ تَفْرِيق الصَّفْقَةِ وَلِأَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ الثَّمَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْتَرِي الثَّمَرَةَ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ وَالْمَسَاكِنُ لِغَيْرِهِ إلَّا بِنَقْصِ كَثِيرٍ. وَلِأَنَّهُ إذَا أَكْرَى الْأَرْضَ فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ سَقْيَ الشَّجَرِ - وَالسَّقْيُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ - صَارَ الْمُعَوَّضُ عِوَضًا. وَإِنْ لَمْ يَشْرُطْ عَلَيْهِ السَّقْيَ فَإِذَا سَقَاهَا - إنْ سَاقَاهُ عَلَيْهَا - صَارَتْ الْإِجَارَةُ لَا تَصِحُّ إلَّا بِمُسَاقَاةِ. وَإِنْ لَمْ يُسَاقِهِ لَزِمَ تَعْطِيلُ مَنْفَعَةِ الْمُسْتَأْجِرِ فَيَدُورُ الْأَمْرُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ بَعْضَ الْمَنْفَعَةِ أَوْ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ إلَّا بِمُسَاقَاةِ أَوْ بِتَفْوِيتِ مَنْفَعَةِ الْمُسْتَأْجِرِ. ثُمَّ إنْ حَصَلَ لِلْمُكْرِي جَمِيعُ الثَّمَرَةِ أَوْ بَعْضُهَا: فَفِي بَيْعِهَا - مَعَ أَنَّ الْأَرْضَ وَالْمَسَاكِنَ لِغَيْرِهِ - نَقْصٌ لِلْقِيمَةِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ. فَيَرْجِعُ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الصَّفْقَةَ إذَا كَانَ فِي تَفْرِيقِهَا ضَرَرٌ جَازَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْمُعَاوَضَةِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ إفْرَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْجَمْعِ يُخَالِفُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute