للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلَيْهِمْ الْأَعْدَاءُ وَتُقَادُ بِسَلَاسِلِ الْقَهْرِ وَالْقَدَرِ وَذَلِكَ مِنْ الْآصَارِ وَالْأَغْلَالِ الَّتِي لَمْ تُرْفَعْ عَنْهُمْ مَعَ عُقُوبَاتٍ لَا تُحْصَى؛ وَذَلِكَ لِضَعْفِ الطَّاعَةِ فِي قُلُوبِهِمْ وَتَمَكُّنِ الْمَعَاصِي وَحُبِّ الشَّهَوَاتِ فِيهَا فَإِذَا قَالُوا {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} دَخَلَ فِيهِ هَذَا.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} فَعَلَى قَوْلَيْنِ:

قِيلَ: هُوَ مِنْ بَابِ التَّحْمِيلِ الْقَدَرِيِّ لَا مِنْ بَابِ التَّكْلِيفِ الشَّرْعِيِّ أَيْ: لَا تَبْتَلِينَا بِمَصَائِبَ لَا نُطِيقُ حَمْلَهَا كَمَا يُبْتَلَى الْإِنْسَانُ بِفَقْرِ لَا يُطِيقُهُ أَوْ مَرَضٍ لَا يُطِيقُهُ أَوْ حَدَثٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ حُبٍّ أَوْ عِشْقٍ لَا يُطِيقُهُ وَيَكُونُ سَبَبُ ذَلِكَ ذُنُوبَهُ. وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ الذُّنُوبَ عَوَاقِبُهَا مَذْمُومَةٌ مُطْلَقًا. وَقَوْلُهُ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} وَ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} قَوْلُ حَقٍّ وَقَالَ تَعَالَى فِي قِصَّةِ قَوْمِ لُوطٍ: {وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} . فَمَا مِنْ أَحَدٍ يُبْتَلَى بِجِنْسِ عَمَلِهِمْ إلَّا نَالَهُ شَيْءٌ مِنْ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ حَتَّى تَعَمُّدُ النَّظَرِ يُوَرِّثُ الْقَلْبَ عَلَاقَةً يَتَعَذَّبُ بِهَا الْإِنْسَانُ وَإِنْ قَوِيَتْ حَتَّى صَارَتْ غَرَامًا وَعِشْقًا زَادَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ سَوَاءٌ قَدَّرَ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى