للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَحْبُوبِ أَوْ عَاجِزٌ عَنْهُ؛ فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا فَهُوَ فِي عَذَابٍ أَلِيمٍ مِنْ الْحُزْنِ وَالْهَمِّ وَالْغَمِّ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا فَهُوَ فِي عَذَابٍ أَلِيمٍ مِنْ خَوْفِ فِرَاقِهِ وَمِنْ السَّعْيِ فِي تَأْلِيفِهِ وَأَسْبَابِ رِضَاهُ فَإِنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ أَوْ افْتَقَرَ تَضَاعَفَ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَإِنْ صَارَ إلَى غَيْرِهِ اسْتِبْدَالًا بِهِ أَوْ مُشَارَكَةً قَوِيَ عَذَابُهُ فَإِنَّ هَذَا الْجِنْسَ يَحْصُلُ فِيهِ مِنْ الْعَذَابِ مَا لَا يَحْصُلُ فِي عِشْقِ الْبَغَايَا وَمَا يَحْصُلُ مِثْلُهُ فِي الْحَلَالِ وَإِنْ حَصَلَ فِي الْحَلَالِ نَوْعُ عَذَابٍ كَانَ أَخَفَّ مِنْ نَظِيرِهِ وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ ذُنُوبٍ أُخْرَى. فَإِذَا دَعَا الْإِنْسَانُ بِهَذَا الدُّعَاءِ يَخُصُّ نَفْسَهُ وَيَعُمُّ الْمُسْلِمِينَ فَلَهُ مِنْ ذَلِكَ أَعْظَمُ نَصِيبٍ كَيْفَ لَا وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {الْآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَا قَرَأَ بِهِمَا أَحَدٌ فِي لَيْلَةٍ إلَّا كَفَتَاهُ} وَكَيْفَ لَا تَكْفِيَانِهِ وَمَا دَعَا بِهِ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ إلَّا مَا حَصَلَ لِسَائِرِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لَمْ يَقْرَءُوهُمَا فَإِنَّ الدَّاعِيَ بِهَذَا الدُّعَاءِ لَهُ مِنْهُ نَصِيبٌ يَخُصُّهُ كَسَائِرِ الْأَدْعِيَةِ. وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ الصَّحَابَةَ إنَّمَا اُسْتُجِيبَ لَهُمْ هَذَا الدُّعَاءُ لَمَّا الْتَزَمُوا الطَّاعَةَ لِلَّهِ مُطْلَقًا بِقَوْلِهِمْ: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} ثُمَّ أُنْزِلَ هَذَا الدُّعَاءُ فَدَعَوْا بِهِ فَاسْتُجِيبَ لَهُمْ. وَلِهَذَا كَانُوا فِي الْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ