للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالُوا: هَذَا شَكٌّ. وَاَلَّذِينَ اسْتَثْنَوْا فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُوجِبْهُ بَلْ جَوَّزَ تَرْكَهُ بِاعْتِبَارِ حَالَتَيْنِ وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ فَمَنْ اسْتَثْنَى لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ غَيْرُ قَائِمٍ بِالْوَاجِبَاتِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَقَدْ أَحْسَنَ وَكَذَلِكَ مَنْ اسْتَثْنَى لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْعَاقِبَةِ وَكَذَلِكَ مَنْ اسْتَثْنَى تَعْلِيقًا لِلْأَمْرِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا شَكًّا وَمَنْ جَزَمَ بِمَا هُوَ فِي نَفْسِهِ فِي هَذِهِ الْحَالِ كَمَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ شَهِدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَجَزَمَ بِمَا هُوَ مُتَيَقِّنٌ حُصُولَهُ فِي نَفْسِهِ فَهُوَ مُحْسِنٌ فِي ذَلِكَ. وَكَثِيرٌ مِنْ مُنَازَعَاتِ النَّاسِ فِي مَسَائِلِ الْإِيمَانِ وَمَسَائِلِ الْأَسْمَاءِ وَالْأَحْكَامِ هِيَ مُنَازَعَاتٌ لَفْظِيَّةٌ فَإِذَا فُصِلَ الْخِطَابُ زَالَ الِارْتِيَابُ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

فَصْلٌ:

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} لَيْسَ هُوَ تَحْصِيلٌ لِلْحَاصِلِ لَكِنَّهُ إخْبَارٌ بِأَنَّ مَنْ نَوَى بِعَمَلِهِ شَيْئًا فَقَدْ حَصَلَ لَهُ مَا نَوَاهُ أَيْ: مَنْ قَصَدَ بِهِجْرَتِهِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَصَلَ لَهُ مَا قَصَدَهُ وَمَنْ كَانَ قَصْدُهُ الْهِجْرَةَ إلَى دُنْيَا أَوْ امْرَأَةٍ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا ذَلِكَ فَهَذَا تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ: {إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ}