فَصْلٌ:
وَكُلُّ مَنْ خَالَفَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِذَلِكَ وَلَا عَدْلٌ بَلْ لَا يَكُونُ عِنْدَهُ إلَّا جَهْلٌ وَظُلْمٌ وَظَنٌّ {وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ فَهُوَ حُقٌّ بَاطِنًا وَظَاهِرًا فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُتَصَوَّرَ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ فِي نَقِيضِهِ؛ وَحِينَئِذٍ فَمَنْ اعْتَقَدَ نَقِيضَهُ كَانَ اعْتِقَادُهُ بَاطِلًا وَالِاعْتِقَادُ الْبَاطِلُ لَا يَكُونُ عِلْمًا وَمَا أَمَرَ بِهِ الرَّسُولُ فَهُوَ عَدْلٌ لَا ظُلْمَ فِيهِ فَمَنْ نَهَى عَنْهُ فَقَدْ نَهَى عَنْ الْعَدْلِ وَمَنْ أَمَرَ بِضِدِّهِ فَقَدْ أَمَرَ بِالظُّلْمِ؛ فَإِنَّ ضِدَّ الْعَدْلِ الظُّلْمُ فَلَا يَكُونُ مَا يُخَالِفُهُ إلَّا جَهْلًا وَظُلْمًا ظَنًّا وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَهُوَ لَا يَخْرُجُ عَنْ قِسْمَيْنِ أَحْسَنُهُمَا أَنْ يَكُونَ كَانَ شَرْعًا لِبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ ثُمَّ نُسِخَ وَأَدْنَاهُمَا أَنْ يَكُونَ مَا شُرِعَ قَطُّ؛ بَلْ يَكُونَ مِنْ الْمُبَدَّلِ فَكُلُّ مَا خَالَفَ حُكْمَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِمَّا شَرْعٌ مَنْسُوخٌ وَإِمَّا شَرْعٌ مُبَدَّلٌ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ؛ بَلْ شَرَعَهُ شَارِعٌ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ اللَّهِ كَمَا قَالَ: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} لَكِنَّ هَذَا وَهَذَا قَدْ يَقَعَانِ فِي خَفِيِّ الْأُمُورِ وَدَقِيقِهَا بِاجْتِهَادِ مِنْ أَصْحَابِهَا اسْتَفْرَغُوا فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute