وَمِمَّا يُشْبِهُ هَذَا مَنْ ظَهَرَ عِنْدَهُ مَالٌ يَجِبُ عَلَيْهِ إحْضَارُهُ كَالْمَدِينِ إذَا ظَهَرَ أَنَّهُ غَيَّبَ مَالَهُ وَأَصَرَّ عَلَى الْحَبْسِ وَكَمَنَ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ وَلَمْ يَرُدَّهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا ظَهَرَ كَذِبُهُ. فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ؛ لَكِنْ يُضْرَبُ حَتَّى يُحْضِرَ الْمَالَ الَّذِي يَجِبُ إحْضَارُهُ أَوْ يُعَرِّفُ مَكَانَهُ كَمَا {قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ عَامَ خَيْبَرٍ فِي عَمِّ حيي بْنِ أَخْطَبَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَالَحَهُمْ عَلَى أَنَّ لَهُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ؛ فَقَالَ لِهَذَا الرَّجُلِ: أَيْنَ كَنْزُ حيي بْنِ أَخْطَبَ؟ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَذْهَبَتْهُ النَّفَقَاتُ وَالْحُرُوبُ فَقَالَ: الْمَالُ كَثِيرٌ وَالْعَهْدُ أَحْدَثُ مِنْ هَذَا ثُمَّ قَالَ: دُونَك هَذَا فَمَسَّهُ بِشَيْءِ مِنْ الْعَذَابِ فَدَلَّهُمْ عَلَيْهِ فِي خَرِبَةٍ هُنَاكَ} فَهَذَا لَمَّا قَالَ أَذْهَبَتْهُ النَّفَقَاتُ وَالْحُرُوبُ وَالْعَادَةُ تُكَذِّبُهُ فِي ذَلِكَ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ بَلْ أَمَرَ بِعُقُوبَتِهِ حَتَّى دَلَّهُمْ عَلَى الْمَالِ؛ فَكَذَلِكَ مَنْ أَخَذَ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ وَادَّعَى ذَهَابَهَا دَعْوَى تُكَذِّبُهُ فِيهَا الْعَادَةُ كَانَ هَذَا حُكْمَهُ.
وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:
عَمَّنْ كَانَ لَهُ ذَهَبٌ مَخِيطٌ فِي ثَوْبِهِ فَأَعْطَاهُ لِلْغَسَّالِ نِسْيَانًا؛ فَلَمَّا رَدَّهُ الْغَسَّالُ إلَيْهِ بَعْدَ غَسْلِهِ وَجَدَ مَكَانَ الذَّهَبِ مُفَتَّقًا وَلَمْ يَجِدْهُ: فَمَا الْحُكْمُ فِيهِ؟
الْجَوَابُ:
إمَّا أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَا يَبْرِيهِ وَإِمَّا أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ أَخَذَ الذَّهَبَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَضْمَنُهُ؛ فَإِنْ كَانَ الْغَسَّالُ مَعْرُوفًا بِالْفُجُورِ وَظَهَرَتْ الرِّيبَةُ بِظُهُورِ الْفَتْقِ جَازَ ضَرْبُهُ وَتَعْزِيرُهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute