للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْمَوَانِعِ الَّتِي فِيهِمْ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا سَبَقَ مِنْ الْقَوْلِ فَهَذِهِ الْمَوَانِعُ يُرْجَى زَوَالُهَا وَيُمْكِنُ مَا لَمْ يَذْكُرْ مَعَهَا مَا يَقْتَضِي امْتِنَاعَ تَغَيُّرِ حَالِهِمْ وَحُصُولِ الْهُدَى.

فَصْلٌ:

{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} . جَاءَ الْخِطَابُ فِيهَا بـ " مَا " وَلَمْ يَجِئْ بـ " مَنْ " فَقِيلَ: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} لَمْ يَقُلْ " لَا أَعْبُدُ مَنْ تَعْبُدُونَ " لِأَنَّ " مَنْ " لِمَنْ يَعْلَمُ وَالْأَصْنَامُ لَا تَعْلَمُ.

وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ جِدًّا، فَإِنَّ مَعْبُودَ الْمُشْرِكِينَ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ يَعْلَمُ كَالْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ. وَعِنْدَ الِاجْتِمَاعِ تَغْلِبُ صِيغَةُ أُولِي الْعِلْمِ كَمَا فِي قَوْلِهِ {فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} . فَإِذَا أَخْبَرَ عَنْهُمْ بِحَالِ مَنْ يَعْلَمُ عَبَّرَ عَنْهُمْ بِعِبَادَتِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ {إنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا} الْآيَةَ فَعَبَّرَ عَنْهُمْ بِضَمِيرِ الْجَمْعِ الْمُذَكَّرِ وَهُوَ لِأُولِي الْعِلْمِ.