وَأَمَّا إذَا أَطْلَقَ الْقَوْلَ عَلَى الْكُفَّارِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ فَإِنَّهُ لَا يُرِيدُ مَنْ لَا يُؤْمِنُ مِنْهُمْ. فَإِنَّ اللَّفْظَ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ. وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ إذْ كَانَ أُولَئِكَ غَيْرُ مَعْرُوفِينَ وَإِنَّمَا هُمْ طَائِفَةٌ قَدْ حَقَّ عَلَيْهِمْ الْقَوْلُ وَهُمْ لَا يَتَمَيَّزُونَ مِنْ غَيْرِهِمْ. بَلْ هُوَ مَأْمُورٌ بِإِنْذَارِ الْجَمِيعِ وَفِيهِمْ مَنْ يُؤْمِنُ وَمَنْ لَا يُؤْمِنُ. فَذَكَرَ اللَّفْظَ الْعَامَّ؛ وَإِرَادَةُ أُولَئِكَ دُونَ غَيْرِهِمْ لَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ لِلْمُرَادِ الْخَاصِّ. وَذَكَرَ الْمَعْنَى الَّذِي أَوْجَبَ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ قَطُّ وَلَا فِيهِ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالْمَعْنَى الْعَامِّ. وَكَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى يُصَانُ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ. وَمَا ذَكَرَ مِنْ الْمَوَانِعِ هِيَ مَوْجُودَةٌ فِي كُلِّ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ الْإِنْذَارَ سَوَاءٌ كَانَ كَافِرًا أَوْ مُنَافِقًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ لِسَبَبِ يُوجِبُ ذَلِكَ فَيَمْتَنِعُ قَبُولُ الْإِنْذَارِ بِسَبَبِ الْمَوَانِعِ. وَلَكِنَّ هَذِهِ الْمَوَانِعَ قَدْ تَزُولُ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ لَازِمَةً لِكُلِّ كَافِرٍ. وَإِذَا كَانَ الْمَانِعُ مَا سَبَقَ مِنْ الْقَوْلِ الَّذِي حَقَّ عَلَيْهِمْ فَقَدْ لَا يَزُولُ أَبَدًا كَمَا قَالَ {إنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ} {وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} . وَقَدْ يَذْكُرُ هَذَا وَهَذَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute