وَالْأَقْوَالُ الَّتِي قَالَهَا الْمُنْتَسِبُونَ إلَى الْقِبْلَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَبْلُغُ سَبْعَةً أَوْ أَكْثَرَ.
الْأَوَّلُ: " قَوْلُ الْمُتَفَلْسِفَةِ " وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ مُتَصَوِّفٍ وَمُتَكَلِّمٍ كَابْنِ سِينَا وَابْنِ عَرَبِيٍّ الطَّائِيِّ وَابْنِ سَبْعِينَ وَأَمْثَالِهِمْ مِمَّنْ يَقُولُ بِقَوْلِ الصَّابِئَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ إنَّ كَلَامَ اللَّهِ لَيْسَ لَهُ وُجُودٌ خَارِجٌ عَنْ نُفُوسِ الْعِبَادِ؛ بَلْ هُوَ مَا يَفِيضُ عَلَى النُّفُوسِ مِنْ الْمَعَانِي: إعْلَامًا وَطَلَبًا: إمَّا مِنْ الْعَقْلِ الْفَعَّالِ كَمَا يَقُولُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَإِمَّا مُطْلَقًا كَمَا يَقُولُهُ بَعْضُ مُتَصَوِّفَةِ الْفَلَاسِفَةِ. وَهَذَا قَوْلُ الصَّابِئَةِ وَنَحْوِهِمْ. وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: الْكَلَامُ الَّذِي سَمِعَهُ مُوسَى لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا إلَّا فِي نَفْسِهِ وَصَاحِبُ " مِشْكَاةِ الْأَنْوَارِ " وَأَمْثَالُهُ فِي كَلَامِهِ مَا يُضَاهِي كَلَامَ هَؤُلَاءِ أَحْيَانًا وَإِنْ كَانَ أَحْيَانًا يُكَفِّرُهُمْ وَهَذَا الْقَوْلُ أَبْعَدُ عَنْ الْإِسْلَامِ مِمَّنْ يَقُولُ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي قَوْلُ الْجَهْمِيَّة مِنْ الْمُعْتَزِلَة وَغَيْرِهِمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ: كَلَامُ اللَّهِ مَخْلُوقٌ يَخْلُقُهُ فِي بَعْضِ الْأَجْسَامِ فَمِنْ ذَلِكَ الْجِسْمِ ابْتَدَأَ لَا مِنْ اللَّهِ وَلَا يَقُومُ - عِنْدَهُمْ - بِاَللَّهِ كَلَامٌ وَلَا إرَادَةٌ وَأَوَّلُ هَؤُلَاءِ " الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ " الَّذِي ضَحَّى بِهِ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ - لَمَّا خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ عِيدِ النَّحْرِ - وَقَالَ: ضَحُّوا تَقَبَّلَ اللَّهُ ضَحَايَاكُمْ فَإِنِّي مُضَحٍّ بِالْجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ إنَّهُ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَّخِذْ إبْرَاهِيمَ خَلِيلًا وَلَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute