وَقَوْلُهُ: " بَدَأَ الْخَلْقَ " مِثْلُ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: " {قَدَّرَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} " فَإِنَّ الْخَلَائِقَ هُنَا الْمُرَادُ بِهَا الْخَلَائِقُ الْمَعْرُوفَةُ الْمَخْلُوقَةُ بَعْدَ خَلْقِ الْعَرْشِ وَكَوْنِهِ عَلَى الْمَاءِ. وَلِهَذَا كَانَ التَّقْدِيرُ لِلْمَخْلُوقَاتِ هُوَ التَّقْدِيرُ لِخَلْقِ هَذَا الْعَالَمِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْقَلَمِ: {إنَّ اللَّهَ لَمَّا خَلَقَهُ قَالَ: اُكْتُبْ قَالَ: وَمَاذَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اُكْتُبْ مَا هُوَ كَائِنٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} . وَكَذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: " {إنَّ اللَّهَ قَدَّرَ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} " وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الصَّحِيحِ: " {كَانَ اللَّهُ وَلَا شَيْءَ قَبْلَهُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ} " يُرَادُ بِهِ أَنَّهُ كَتَبَ كُلَّ مَا أَرَادَ خَلْقَهُ مِنْ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ لَفْظَ كُلِّ شَيْءٍ يَعُمُّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ بِحَسَبِ مَا سِيقَتْ لَهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} و {عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وَقَوْلِهِ: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} وَ {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} وَ {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} وَأَخْبَرَتْ الرُّسُلُ بِتَقَدُّمِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} . {سَمِيعًا بَصِيرًا} . {غَفُورًا رَحِيمًا} وَأَمْثَالَ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " كَانَ وَلَا يَزَالُ ". وَلَمْ يُقَيِّدْ كَوْنَهُ بِوَقْتِ دُونَ وَقْتٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute