للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَعْفُوَ اللَّهُ عَنْهُ. وَأَمَّا مَنْ يَعْرِفُ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ وَمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ أَمَرَ بِالسَّفَرِ لِمُجَرَّدِ زِيَارَةِ قَبْرِ لَا نَبِيٍّ وَلَا غَيْرِ نَبِيٍّ بَلْ صَرَّحَ أَكَابِرُهُمْ بِتَحْرِيمِ مِثْلِ هَذَا السَّفَرِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِمْ. وَإِنَّمَا قَالَ إنَّهُ مُبَاحٌ غَيْرُ مُحَرَّمٍ طَائِفَةٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد.

وَتَنَازَعُوا حِينَئِذٍ فِيمَنْ سَافَرَ لِمُجَرَّدِ زِيَارَةِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ هَلْ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ كَمَا ذَكَرَ فِي جَوَابِ الْفُتْيَا. وَبَعْضُهُمْ فَرَّقَ بَيْنَ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ: إنَّ السَّفَرَ لِمُجَرَّدِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ مُحَرَّمٌ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَقَوْلُ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد. فَهَؤُلَاءِ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْعَاصِيَ بِسَفَرِهِ لَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ. فَعَلَى قَوْلِهِمْ لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ؛ لَكِنَّ الَّذِينَ يُسَافِرُونَ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا مُحَرَّمٌ وَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ لَمْ يَفْعَلْهُ فَإِنَّهُ لَا غَرَضَ لِمُسْلِمِ أَنْ يَتَقَرَّبَ إلَى اللَّهِ بِالْمُحَرَّمِ. وَحِينَئِذٍ فَسَفَرُهُمْ الَّذِي لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مُحَرَّمٌ إذَا قَصَرُوا فِيهِ الصَّلَاةَ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ كَمَا لَوْ سَافَرَ الرَّجُلُ لِطَلَبِ الْعِلْمِ أَوْ سَمَاعِ الْحَدِيثِ مِنْ شَخْصٍ فَوَجَدَهُ كَذَّابًا أَوْ جَاهِلًا فَإِنَّ قَصْرَ الصَّلَاةِ فِي مِثْلِ هَذَا السَّفَرِ جَائِزٌ. وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُ أَحْمَد فِي السَّفَرِ إلَى زِيَارَةِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ هَلْ تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ؟ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ: قِيلَ: لَا يَقْصُرُ مُطْلَقًا.