وَتَوْحِيدُ الْإِلَهِيَّةِ يَتَضَمَّنُ أَحَدَ نَوْعَيْ الدُّعَاءِ فَإِنَّ الْإِلَهَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِأَنْ يُدْعَى دُعَاءَ عِبَادَةٍ وَدُعَاءَ مَسْأَلَةٍ وَهُوَ اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ. وَقَوْلُهُ: {إنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} اعْتِرَافٌ بِالذَّنْبِ وَهُوَ يَتَضَمَّنُ طَلَبَ الْمَغْفِرَةِ فَإِنَّ الطَّالِبَ السَّائِلَ تَارَةً يَسْأَلُ بِصِيغَةِ الطَّلَبِ وَتَارَةً يَسْأَلُ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ إمَّا بِوَصْفِ حَالِهِ وَإِمَّا بِوَصْفِ حَالِ الْمَسْئُولِ وَإِمَّا بِوَصْفِ الْحَالَيْنِ. كَقَوْلِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ {رَبِّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} فَهَذَا لَيْسَ صِيغَةَ طَلَبٍ وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْ اللَّهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَغْفِرْ لَهُ وَيَرْحَمْهُ خَسِرَ. وَلَكِنَّ هَذَا الْخَبَرَ يَتَضَمَّنُ سُؤَالَ الْمَغْفِرَةِ وَكَذَلِكَ قَوْلُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} هُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ {رَبِّ إنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} فَإِنَّ هَذَا وَصْفٌ لِحَالِهِ بِأَنَّهُ فَقِيرٌ إلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إلَيْهِ مِنْ الْخَيْرِ وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِسُؤَالِ اللَّهِ إنْزَالَ الْخَيْرِ إلَيْهِ. وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ شَغَلَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عَنْ ذِكْرِي وَمَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ} رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَرَوَاهُ مَالِكُ بْنُ الحويرث وَقَالَ: {مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute