للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَلِكَ يُبَالِغُونَ فِي ذَمِّ النَّصَارَى أَكْثَرَ مِمَّا يُبَالِغُونَ فِي ذَمِّ الْيَهُودِ وَهُمْ إلَى الْيَهُودِ أَقْرَبُ كَمَا أَنَّ الصُّوفِيَّةَ وَنَحْوَهُمْ إلَى النَّصَارَى أَقْرَبُ؛ فَإِنَّ النَّصَارَى عِنْدَهُمْ عِبَادَةٌ وَزُهْدٌ وَأَخْلَاقٌ بِلَا مَعْرِفَةٍ وَلَا بَصِيرَةٍ فَهُمْ ضَالُّونَ وَالْيَهُودُ عِنْدَهُمْ عِلْمٌ وَنَظَرٌ بِلَا قَصْدِ صَالِحٍ وَلَا عِبَادَةٍ وَلَا زُهْدٍ وَلَا أَخْلَاقٍ كَرِيمَةٍ فَهُمْ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ وَالنَّصَارَى ضَالُّونَ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَلَا أَعْلَمُ فِي هَذَا الْحَرْفِ اخْتِلَافًا بَيْنَ الْمُفَسِّرِينَ. وَرَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي رَوْقٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِ طَرِيقِ الضَّالِّينَ وَهُمْ النَّصَارَى الَّذِينَ أَضَلَّهُمْ اللَّهُ بِفِرْيَتِهِمْ عَلَيْهِ يَقُولُ: فَأَلْهِمْنَا دِينَك الْحَقَّ - وَهُوَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ - حَتَّى لَا تَغْضَبَ عَلَيْنَا كَمَا غَضِبْت عَلَى الْيَهُودِ وَلَا تُضِلَّنَا كَمَا أَضْلَلْت النَّصَارَى فَتُعَذِّبَنَا كَمَا تُعَذِّبُهُمْ يَقُولُ: امْنَعْنَا مِنْ ذَلِكَ بِرِفْقِك وَرَحْمَتِك وَرَأْفَتِك وَقُدْرَتِك. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَلَا أَعْلَمُ فِي هَذَا الْحَرْفِ اخْتِلَافًا بَيْنَ الْمُفَسِّرِينَ وَقَدْ قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة: كَانُوا يَقُولُونَ: مَنْ فَسَدَ مِنْ عُلَمَائِنَا فَفِيهِ شَبَهٌ مِنْ الْيَهُودِ وَمَنْ فَسَدَ مِنْ عِبَادِنَا فَفِيهِ شَبَهٌ مِنْ النَّصَارَى. فَأَهْلُ الْكَلَامِ أَصْلُ أَمْرِهِمْ هُوَ النَّظَرُ فِي الْعِلْمِ وَدَلِيلِهِ فَيُعَظِّمُونَ الْعِلْمَ وَطَرِيقَهُ وَهُوَ الدَّلِيلُ وَالسُّلُوكَ فِي طَرِيقِهِ وَهُوَ النَّظَرُ. وَأَهْلُ الزُّهْدِ يُعَظِّمُونَ الْإِرَادَةَ وَالْمُرِيدَ وَطَرِيقَ أَهْلِ الْإِرَادَةِ.