للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَمَّا سَأَلَهُ السَّائِلُ عَنْ السَّاعَةِ وَهُوَ فِي الظَّاهِرِ: أَعْرَابِيٌّ لَا يَعْرِفُ قَالَ لَهُ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ} وَلَمْ يَقُلْ: إنَّ الْكَلَامَ الَّذِي نَزَلَ فِي ذِكْرِهَا لَا يَفْهَمُهُ أَحَدٌ بَلْ هَذَا خِلَافٌ إجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ بَلْ وَالْعُقَلَاءِ؛ فَإِنَّ إخْبَارَ اللَّهِ عَنْ السَّاعَةِ وَأَشْرَاطِهَا كَلَامٌ بَيِّنٌ وَاضِحٌ يُفْهَمُ مَعْنَاهُ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا} قَدْ عُلِمَ الْمُرَادُ بِهَذَا الْخِطَابِ وَأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ قُرُونًا كَثِيرَةً لَا يَعْلَمُ عَدَدَهُمْ إلَّا اللَّهُ كَمَا قَالَ: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إلَّا هُوَ} فَأَيُّ شَيْءٍ فِي هَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ أَمْرِ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ لَا يَفْهَمُ مَعْنَاهُ أَحَدٌ لَا مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَلَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا الصَّحَابَةِ وَلَا غَيْرِهِمْ. وَأَمَّا مَا ذُكِرَ عَنْ عُرْوَةَ فَعُرْوَةُ قَدْ عُرِفَ مِنْ طَرِيقِهِ أَنَّهُ كَانَ لَا يُفَسِّرُ عَامَّةَ آيِ الْقُرْآنِ إلَّا آيَاتٌ قَلِيلَةٌ رَوَاهَا عَنْ عَائِشَةَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْرِفْ عُرْوَةُ التَّفْسِيرَ لَمْ يَلْزَمْ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ غَيْرُهُ مِنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَعُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ؛ كَابْنِ مَسْعُودٍ وأبي بْنِ كَعْبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمْ. وَأَمَّا اللُّغَوِيُّونَ الَّذِينَ يَقُولُونَ إنْ الرَّاسِخِينَ لَا يَعْلَمُونَ مَعْنَى الْمُتَشَابِهِ فَهُمْ مُتَنَاقِضُونَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ يَتَكَلَّمُونَ فِي تَفْسِيرِ كُلِّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ وَيَتَوَسَّعُونَ فِي الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ حَتَّى مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إلَّا وَقَدْ قَالَ فِي ذَلِكَ أَقْوَالًا لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهَا وَهِيَ خَطَأٌ. وَابْنُ الْأَنْبَارِيِّ الَّذِي