للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ:

فِي ذِكْرِ بَعْضِ أَلْفَاظِ ابْنِ عَرَبِيٍّ الَّتِي تُبَيِّنُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ مَذْهَبِهِ فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ قَدْ لَا يَفْهَمُونَهُ.

قَالَ فِي فَصِّ يُوسُفَ - بَعْدَ أَنْ جَعَلَ الْعَالَمَ بِالنِّسْبَةِ إلَى اللَّهِ كَظِلِّ الشَّخْصِ وَتَنَاقَضَ فِي التَّشْبِيهِ -: فَكُلُّ مَا تُدْرِكُهُ فَهُوَ وُجُودُ الْحَقِّ فِي أَعْيَانِ الْمُمْكِنَاتِ فَمِنْ حَيْثُ هُوِيَّةُ الْحَقِّ هُوَ وُجُودُهُ وَمِنْ حَيْثُ اخْتِلَافُ الصُّوَرِ فِيهِ هُوَ أَعْيَانُ الْمُمْكِنَاتِ فَكَمَا لَا يَزُولُ عَنْهُ بِاخْتِلَافِ الصُّوَرِ اسْمُ الظِّلِّ: كَذَلِكَ لَا يَزُولُ عَنْهُ بِاخْتِلَافِ الصُّوَرِ اسْمُ الْعَالَمِ أَوْ اسْمُ سِوَى الْحَقِّ فَمِنْ حَيْثُ أحدية كَوْنِهِ ظِلًّا هُوَ الْحَقُّ لِأَنَّهُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ وَمِنْ حَيْثُ كَثْرَةُ الصُّوَرِ هُوَ الْعَالَمُ فَتَفَطَّنْ وَتَحَقَّقْ مَا أَوْضَحْنَاهُ لَك. وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا ذَكَرْته لَك: فَالْعَالَمُ مُتَوَهَّمٌ مَا لَهُ وُجُودٌ حَقِيقِيٌّ وَهَذَا مَعْنَى الْخَيَالِ أَيْ خَيَّلَ لَك أَنَّهُ أَمْرٌ زَائِدٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ خَارِجٌ عَنْ الْوُجُودِ الْحَقِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ أَلَا تَرَاهُ فِي الْحِسِّ مُتَّصِلًا بِالشَّخْصِ الَّذِي امْتَدَّ عَنْهُ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الِانْفِكَاكُ عَنْ ذَلِكَ الِاتِّصَالِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ عَلَى الشَّيْءِ الِانْفِكَاكُ عَنْ ذَاتِهِ؛ فَاعْرِفْ عَيْنَك وَمَنْ أَنْتَ وَمَا هُوِيَّتُك؟ وَمَا نِسْبَتُك إلَى الْحَقِّ وَبِمَا أَنْتَ حَقٌّ وَبِهَا أَنْتَ عَالِمٌ وَسِوَى وَغَيْرُ؟ وَمَا شَاكَلَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ.