فَصْلٌ:
إذَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ، فَيُقَالُ: هَذَا الْقُرْآنُ الَّذِي نَقْرَؤُهُ وَنُبَلِّغُهُ وَنَسْمَعُهُ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ وَنَزَلَ بِهِ مِنْهُ رُوحُ الْقُدُسِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} {إنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} {إنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} فَهَذَا الْكَلَامُ فِي الْقُرْآنِ الَّذِي قَالُوا: إنَّمَا يُعَلِّمُهُ إيَّاهُ بَشَرٌ وَقَدْ أَبْطَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ نَفْسُ الْقُرْآنِ الْعَرَبِيِّ الَّذِي يَمْتَنِعُ أَنْ يُعَلِّمَهُ إيَّاهُ ذَلِكَ الْأَعْجَمِيُّ الَّذِي أَلْحَدُوا إلَيْهِ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ رَجُلٌ بِمَكَّةَ مَوْلًى لِابْنِ الْحَضْرَمِيّ وَالْمَعَانِي الْمُجَرَّدَةُ لَا يَمْتَنِعُ تَعَلُّمُهَا مِنْ الْأَعْجَمِيِّ بِخِلَافِ هَذَا الْقُرْآنِ الْعَرَبِيِّ فَدَلَّ أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute