للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاسِطَةٍ وَهَذَا تَكْلِيمُهُ بِوَاسِطَةِ. وَإِنْ قُلْت: لِمَا يُبَلِّغُهُ الْمُبَلِّغُ عَنْ غَيْرِهِ هَذَا حِكَايَةُ كَلَامِ ذَلِكَ كَانَ الْإِطْلَاقُ خَطَأً فَإِنَّ لَفْظَ " الْحِكَايَةِ " إذَا أُطْلِقَ يُرَادُ بِهِ أَنَّهُ أَتَى بِكَلَامِ يُشْبِهُ كَلَامَهُ كَمَا يُقَالُ: هَذَا يُحَاكِي هَذَا وَهَذَا قَدْ حَكَى هَذَا؛ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: فُلَانٌ قَدْ حَكَى هَذَا الْكَلَامَ عَنْ فُلَانٍ. كَمَا يُقَالُ: رَوَاهُ عَنْهُ وَبَلَّغَهُ عَنْهُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ وَحَدَّثَ بِهِ عَنْهُ؛ وَلِهَذَا يَجِيءُ فِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ. فَكُلَّمَا بَلَّغَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ اللَّهِ فَقَدْ حَكَاهُ عَنْهُ وَرَوَاهُ عَنْهُ. فَالْقَائِلُ إذَا قَالَ لِلْقَارِئِ هَذَا يَحْكِي كَلَامَ اللَّهِ أَوْ يَحْكِي الْقُرْآنَ فَقَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَأْتِي بِكَلَامِ يُحَاكِي بِهِ كَلَامَ اللَّهِ وَهَذَا كُفْرٌ. وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ بَلَّغَهُ وَتَلَاهُ فَالْمَعْنَى صَحِيحٌ؛ لَكِنْ يَنْبَغِي تَعْبِيرُهُ بِمَا لَا يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى بَاطِلٍ فَيَقُولُ: قَرَأَهُ وَتَلَاهُ وَبَلَّغَهُ وَأَدَّاهُ؛ وَلِهَذَا إذَا قِيلَ: يَحْكِي الْقِرَاءَاتِ السَّبْعَ وَيَرْوِيهَا وَيَنْقُلُهَا لَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا تَبْلِيغُهَا؛ لَا أَنَّهُ يَأْتِي بِمِثْلِهَا.