للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِكَوْنِهَا مِنْ الْقُرْآنِ حَيْثُ كُتِبَتْ كَمَا قَطَعْتُمْ بِنَفْيِ كَوْنِهَا لَيْسَتْ مِنْهُ. وَمِثْلُ هَذَا النَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ عَنْ الصَّحَابَةِ بِأَنَّ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ قُرْآنٌ فَإِنَّ التَّفْرِيقَ بَيْنَ آيَةٍ وَآيَةٍ يَرْفَعُ الثِّقَةَ بِكَوْنِ الْقُرْآنِ الْمَكْتُوبِ بَيْنَ لَوْحَيْ الْمُصْحَفِ كَلَامُ اللَّهِ وَنَحْنُ نَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ الصَّحَابَةَ الَّذِينَ كَتَبُوا الْمَصَاحِفَ نَقَلُوا إلَيْنَا أَنَّ مَا كَتَبُوهُ بَيْنَ لَوْحَيْ الْمُصْحَفِ كَلَامُ اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكْتُبُوا فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ. فَإِنْ قَالَ الْمُنَازِعُ: إنْ قَطَعْتُمْ بِأَنَّ الْبَسْمَلَةَ مِنْ الْقُرْآنِ حَيْثُ كُتِبَتْ فَكَفَّرُوا النَّافِيَ قِيلَ لَهُمْ: وَهَذَا يُعَارِضُ حُكْمَهُ إذَا قَطَعْتُمْ بِنَفْيِ كَوْنِهَا مِنْ الْقُرْآنِ فَكَفِّرُوا مُنَازِعَكُمْ. وَقَدْ اتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَى نَفْيِ التَّكْفِيرِ فِي هَذَا الْبَابِ مَعَ دَعْوَى كَثِيرٍ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ الْقَطْعَ بِمَذْهَبِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَا كَانَ قَطْعِيًّا عِنْدَ شَخْصٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَطْعِيًّا عِنْدَ غَيْرِهِ وَلَيْسَ كُلُّ مَا ادَّعَتْ طَائِفَةٌ أَنَّهُ قَطْعِيٌّ عِنْدَهَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَطْعِيًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ بَلْ قَدْ يَقَعُ الْغَلَطُ فِي دَعْوَى الْمُدَّعِي الْقَطْعَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْقَطْعِ كَمَا يَغْلَطُ فِي سَمْعِهِ وَفَهْمِهِ وَنَقْلِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْوَالِهِ كَمَا قَدْ يَغْلَطُ الْحِسُّ الظَّاهِرُ فِي مَوَاضِعَ وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ: الْأَقْوَالُ فِي كَوْنِهَا مِنْ الْقُرْآنِ ثَلَاثَةٌ: طَرَفَانِ وَوَسَطٌ.