هِيَ أَبْعَاضُ الْكَلَامِ مَوْجُودَةٌ فِي الْقُرْآنِ؛ بَلْ قَدْ اجْتَمَعَتْ فِي آيَتَيْنِ: " إحْدَاهُمَا " فِي آلِ عِمْرَانَ وَ " الثَّانِيَةِ " فِي سُورَةِ الْفَتْحِ: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ} الْآيَةَ وَ {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} الْآيَةَ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَنْ تَكَلَّمَ بِكَلَامِ آخَرَ مُؤَلَّفٍ مِنْ حُرُوفِ الْهِجَاءِ فَلَمْ يَنْطِقْ بِنَفْسِ الْحُرُوفِ الَّتِي فِي لَفْظِ الْقُرْآنِ وَإِنَّمَا نَطَقَ بِمِثْلِهَا وَذَلِكَ الَّذِي نَطَقَ بِهِ قَدْ يَكُونُ هُوَ أَخَذَهُ وَإِذَا ابْتَدَأَ مِنْ لَفْظِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ لَا يَكُونُ حَقِيقَةً. قِيلَ: الْحَرْفُ مِنْ حَيْثُ هُوَ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَهُ الْحَقِيقَةُ الْمُطْلَقَةُ الَّتِي لَا تَأْلِيفَ فِيهَا لَا تُوجَدُ لَا فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا فِي كَلَامِ عِبَادِهِ وَإِنَّمَا الْمَوْجُودُ الْحَرْفُ الَّذِي هُوَ جُزْءٌ مِنْ اللَّفْظِ أَوْ اسْمُهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا حَرْفٌ؛ وَلَكِنَّ هَذَا الْمُطْلَقُ؛ بَلْ الْأَعْيَانُ الْمَوْجُودَةُ فِي الْخَارِجِ قَائِمَةٌ بِأَنْفُسِهَا كَالْإِنْسَانِ لَا يُوجَدُ مُجَرَّدًا عَنْ الْأَعْيَانِ فِي الْأَعْيَانِ لَا يُوجَدُ مُجَرَّدًا عَنْ الْأَعْيَانِ إلَّا فِي الذِّهْنِ لَا فِي الْخَارِجِ فَكَيْفَ بِالْحَرْفِ الَّذِي لَا يُوجَدُ فِي الْخَارِجِ إلَّا مُؤَلَّفًا فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ يُوجَدُ فِي الْخَارِجِ غَيْرَ مُؤَلَّفٍ مُتَعَدِّدَ الْأَعْيَانِ كَمَا يُوجَدُ الْإِنْسَانُ لَمْ تَكُنْ حَقِيقَتُهُ الْمُطْلَقَةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ مَوْجُودَةً إلَّا فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْحُرُوفَ تَخْتَلِفُ أَحْكَامُهَا بِاخْتِلَافِ مَعَانِيهَا وَاخْتِلَافِ الْمُتَكَلِّمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute