للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْوَجْهُ الثَّامِنُ: وَهُوَ أَنَّ الْحِسَّ الْبَاطِنَ وَالظَّاهِرَ يُفِيدُ تَصَوُّرَ الْحَقِيقَةِ تَصَوُّرًا مُطْلَقًا. أَمَّا عُمُومُهَا وَخُصُوصُهَا: فَهُوَ مِنْ حُكْمِ الْعَقْلِ. فَإِنَّ الْقَلْبَ يَعْقِلُ مَعْنًى مِنْ هَذَا الْمُعَيَّنِ وَمَعْنًى يُمَاثِلُهُ مِنْ هَذَا الْمُعَيَّنِ فَيَصِيرُ فِي الْقَلْبِ مَعْنًى عَامًّا مُشْتَرَكًا وَذَلِكَ هُوَ عَقْلُهُ: أَيْ عَقْلُهُ لِلْمَعَانِي الْكُلِّيَّةِ. فَإِذَا عَقَلَ مَعْنَى الْحَيَوَانِيَّةِ الَّذِي يَكُونُ فِي هَذَا الْحَيَوَانِ وَهَذَا الْحَيَوَانِ وَمَعْنَى النَّاطِقِ الَّذِي يَكُونُ فِي هَذَا الْإِنْسَانِ وَهَذَا الْإِنْسَانِ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِهِ عَقَلَ أَنَّ فِي نَوْعِ الْإِنْسَانِ مَعْنًى يَكُونُ نَظِيرُهُ فِي الْحَيَوَانِ وَمَعْنًى لَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ فِي الْحَيَوَانِ. فَالْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: الْجِنْسُ. وَالثَّانِي: الَّذِي يُقَالُ لَهُ: الْفَصْلُ وَهُمَا مَوْجُودَانِ فِي النَّوْعِ. فَهَذَا حَقٌّ وَلَكِنْ لَمْ يَسْتَفِدْ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ مَا لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهُ بِعَقْلِهِ مِنْ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى عَامٌّ لِلْإِنْسَانِ وَلِغَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانِ بِمَعْنَى أَنَّ مَا فِي هَذَا نَظِيرُ مَا فِي هَذَا إذْ لَيْسَ فِي الْأَعْيَانِ الْخَارِجَةِ عُمُومٌ وَهَذَا الْمَعْنَى يَخْتَصُّ بِالْإِنْسَانِ. فَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِك: الْإِنْسَانُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ وَقَوْلِك: الْإِنْسَانُ هُوَ الْحَيَوَانُ النَّاطِقُ إلَّا مِنْ جِهَةِ الْإِحَاطَةِ وَالْحَصْرِ فِي الثَّانِي لَا مِنْ جِهَةِ تَصْوِيرِ