وَقُلْت لَهُ: هَذِهِ الْقَضِيَّةُ أَكْبَرُ مِمَّا فِي نُفُوسِكُمْ؛ فَإِنَّ طَائِفَةً مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَعْدَاءِ ذَهَبُوا إلَى بِلَادِ التتر. فَقَالَ: إلَى بِلَادِ التتر؟ فَقُلْت نَعَمْ. هُمْ مِنْ أَحْرَصِ النَّاسِ عَلَى تَحْرِيكِ الشَّرِّ عَلَيْكُمْ إلَى أُمُورٍ أُخْرَى لَا يَصْلُحُ أَنْ أَذْكُرَهَا لَك. وَكَانَ قَدْ قَالَ لِي: فَأَنْتَ تُخَالِفُ الْمَذَاهِبَ الْأَرْبَعَةَ؛ وَذَكَرَ حُكْمَ الْقُضَاةِ الْأَرْبَعَةِ فَقُلْت لَهُ: بَلْ الَّذِي قُلْته عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ الْمَذَاهِبُ وَقَدْ أَحْضَرْت فِي الشَّامِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ كِتَابًا: مِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ، وَالْمُتَكَلِّمِين وَالصُّوفِيَّةِ كُلُّهَا تُوَافِقُ مَا قُلْته بِأَلْفَاظِهِ؛ وَفِي ذَلِكَ نُصُوصُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا. وَلَمْ يَسْتَطِعْ الْمُنَازِعُونَ مَعَ طُولِ تَفْتِيشِهِمْ كُتُبَ الْبَلَدِ وَخَزَائِنَهُ أَنْ يُخْرِجُوا مَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ وَسَلَفِهِ. وَكَانَ لَمَّا أَعْطَانِي الدُّرْجَ. فَتَأَمَّلْته فَقُلْت لَهُ: هَذَا كُلُّهُ كَذِبٌ؛ إلَّا كَلِمَةً وَاحِدَةً. وَهِيَ أَنَّهُ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ حَقِيقَةً؛ لَكِنْ بِلَا تَكْيِيفٍ وَلَا تَشْبِيهٍ. قُلْت وَهَذَا هُوَ فِي " الْعَقِيدَةِ " بِهَذَا اللَّفْظِ بِلَا تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ وَلَا تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ. فَقَالَ: فَاكْتُبْ خَطَّك بِهَذَا. قُلْت: هَذَا مَكْتُوبٌ قَبْلَ ذَلِكَ فِي " الْعَقِيدَةِ " وَلَمْ أَقُلْ: بِمَا يُنَاقِضُهُ؛ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي تَجْدِيدِ الْخَطِّ. وَقُلْت: هَذَا اللَّفْظُ قَدْ حَكَى إجْمَاعَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ: الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ؛ وَمَا فِي عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ مَنْ يُنْكِرُ ذَلِكَ إلَّا هَؤُلَاءِ الْخُصُومُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute