للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَنْ يَسْتَحِلُّ قَتْلَ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَيَسْبِي حَرِيمَهُمْ وَيَغْنَمُ أَمْوَالَهُمْ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي يُعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ تَحْرِيمًا ظَاهِرًا مُتَوَاتِرًا.

لَكِنْ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَكُونُ جَاهِلًا بِبَعْضِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ جَهْلًا يُعْذَرُ بِهِ فَلَا يُحْكَمُ بِكُفْرِ أَحَدٍ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ مِنْ جِهَةِ بَلَاغِ الرِّسَالَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} وَلِهَذَا لَوْ أَسْلَمَ رَجُلٌ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ؛ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْخَمْرَ يَحْرُمُ لَمْ يَكْفُرْ بِعَدَمِ اعْتِقَادِ إيجَابِ هَذَا وَتَحْرِيمِ هَذَا؛ بَلْ وَلَمْ يُعَاقَبْ حَتَّى تَبْلُغَهُ الْحُجَّةُ النَّبَوِيَّةُ. بَلْ قَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ أَسْلَمَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ وَاجِبَةٌ ثُمَّ عَلِمَ. هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا تَرَكَهُ فِي حَالِ الْجَهْلِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَالثَّانِي: يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ بَلْ النِّزَاعُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي كُلِّ مَنْ تَرَكَ وَاجِبًا قَبْلَ بُلُوغِ الْحِجَّةِ: مِثْلُ تَرْكِ الصَّلَاةِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ يَحْسَبُ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَصِحُّ بِتَيَمُّمِ أَوْ مِنْ أَكْلٍ حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ وَيَحْسَبُ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ كَمَا جَرَى ذَلِكَ