للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ: " {لَا يَمْنَعَنَّ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ} " وَإِيجَابُ بَذْلِ هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ مَذْهَبُ أَحْمَد وَغَيْرِهِ.

وَلَوْ احْتَاجَ إلَى إجْرَاءِ مَاءٍ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ بِصَاحِبِ الْأَرْضِ: فَهَلْ يُجْبَرُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد وَالْأَخْبَارُ بِذَلِكَ مَأْثُورَةٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ لِلْمَانِعِ: وَاَللَّهِ لَنُجْرِيَنَّهَا وَلَوْ عَلَى بَطْنِك. وَمَذْهَبُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ: أَنَّ زَكَاةَ الْحُلِيِّ عَارِيَتُهُ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ. وَالْمَنَافِعُ الَّتِي يَجِبُ بَذْلُهَا نَوْعَانِ: مِنْهَا مَا هُوَ حَقُّ الْمَالِ؛ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَعَارِيَةِ الْحُلِيِّ. وَمِنْهَا مَا يَجِبُ لِحَاجَةِ النَّاسِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ بَذْلَ مَنَافِعِ الْبَدَنِ يَجِبُ عِنْدَ الْحَاجَةِ كَمَا يَجِبُ تَعْلِيمُ الْعِلْمِ؛ وَإِفْتَاءُ النَّاسِ؛ وَأَدَاءُ الشَّهَادَةِ؛ وَالْحُكْمُ بَيْنَهُمْ؛ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ؛ وَالْجِهَادُ؛ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ مَنَافِعِ الْأَبْدَانِ؛ فَلَا يَمْنَعُ وُجُوبَ بَذْلِ مَنَافِعِ الْأَمْوَالِ لِلْمُحْتَاجِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إذَا مَا دُعُوا} وَقَالَ: {وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ} . وَلِلْفُقَهَاءِ فِي أَخْذِ الْجُعْلِ عَلَى الشَّهَادَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ؛ هِيَ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا.

وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ.