للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَسُئِلَ: (*)

مَا تَقُولُ الْفُقَهَاءُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي رَجُلٍ يَقُولُ: إنَّ الْفَقْرَ لَمْ نَتَعَبَّدْ بِهِ وَلَمْ نُؤْمَرْ بِهِ وَلَا جِسْمَ لَهُ وَلَا مَعْنَى وَأَنَّهُ غَيْرُ سَبِيلٍ مُوَصِّلٍ إلَى رِضَا اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى رِضَا رَسُولِهِ وَإِنَّمَا تَعَبَّدَنَا بِمُتَابَعَةِ أَمْرِ اللَّهِ وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ أَصْلَ كُلِّ شَيْءٍ الْعَلَمُ وَالتَّعَبُّدُ بِهِ وَالْعَمَلُ بِهِ وَالتَّقْوَى وَالْوَرَعُ عَنْ الْمَحَارِمِ " وَالْفَقْرُ " الْمُسَمَّى عَلَى لِسَانِ الطَّائِفَةِ وَالْأَكَابِرِ هُوَ الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا وَالزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا يُفِيدُهُ الْعِلْمَ الشَّرْعِيَّ فَيَكُونُ الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا الْعَمَلُ بِالْعِلْمِ وَهَذَا هُوَ الْفَقْرُ فَإِذَا الْفَقْرُ فَرْعٌ مِنْ فُرُوعِ الْعِلْمِ وَالْأَمْرِ عَلَى هَذَا. وَمَا ثَمَّ طَرِيقٌ أَوْصَلُ مِنْ الْعِلْمِ وَالْعَمَلُ بِالْعِلْمِ عَلَى مَا صَحَّ وَثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَيَقُولُ: إنَّ الْفَقْرَ الْمُسَمَّى الْمَعْرُوفَ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الزِّيِّ الْمَشْرُوعِ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ مِنْ الزِّيِّ وَالْأَلْفَاظِ وَالِاصْطِلَاحَاتِ الْمُعْتَادَةِ غَيْرُ مَرْضِيٍّ لِلَّهِ وَلَا لِرَسُولِهِ فَهَلْ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ؟ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ.


(*) قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص ٩٤):
وهذه الفتوى اسمها (مسألة في الفقر والتصوف)، ومهي مستقيمة من أولها (ص ٢٥) وحتى (ص ٢٩) - السطر الخامس - حيث ينشأ بعد ذلك كلام أجنبي عن أصل الفتوى، فالكلام كان في أصل مسمى الصوفية، ثم صار الكلام في تكفير الاتحادية، حيث جاء في الموضع المذكور:
(ومن قال إن الصوفي نسبة إلى الصفة، أو الصفا أو الصف الأول، أو صوفة بن بشر بن أد بن طابخة، أو صوفة القفا؛ [وهنا تنتهي استقامة الفتوى، ثم بعد هذا الكلام مباشرة:] فهؤلاء أكفر من اليهود والنصارى؛ لكن من الناس من قد لمحوا الفرق في بعض الأمور دون بعض، بحيث يفرق بين المؤمن والكافر ولا يفرق بين البر والفاجر. . . الخ)
ومن الظاهر جدا لكل أحد أن هذا الكلام أجنبي عن الذي قبله، فإن العبارة السابقة له أن (من قال إن الصوفي كذا وكذا) وجواب (من) على هذا السياق هو (فهؤلاء أكفر من اليهود. . .)، وهذا باطل غير مقصود قطعا، هذا أولاً، وأمر آخر وهو أن الكلام السابق كان في مسمى الفقر والصوفية، ثم تحول إلى مذهب الاتحادية في الأمر والقدر!.
وقد اعتقدت ابتداء أن هذه الفتوى المسماة (مسألة في الفقر والتصوف) قد سقط منها أسطر أو صفحات بين هذين الموضعين، وهذا السبب في اضطراب العبارات، إلا أنه تبين لي أن هذه الفتوى قد سقط جميع الباقي منها عند هذا الموضع، وأما الكلام المذكور بعده فهو من رسالة أخرى لشيخ الإسلام رحمه الله مذكورة في المجلد العاشر (١٠/ ٦٦٦ - ٦٧٧) وهي بعنوان (مسألة في الهجر الجميل والصفح الجميل وأقسام التقوى والصبر)، والكلام المذكور هنا يبدأ في رسالة (الهجر الجميل) من ١٠/ ٦٧٠ السطر الثاني عشر، وقبل العبارة المبدوء بها هنا قوله: (أما الذي يشهد (الحقيقة الكونية) وتوحيد الربوبية الشامل للخليقة، ويقر أن العباد كلهم تحت القضاء والقدر، ويسلك هذه الحقيقة، فلا يفرق بين المؤمنين والمتقين الذين أطاعوا أمر الله الذي بعث به رسله، وبين من عصى الله ورسوله من الكفار والفجار [وبعد هذا يبدأ النقل في مسألة الفقر من قوله:] فهؤلاء أكفر من اليهود والنصارى. . إلى آخر الرسالة).