للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْ يُرِيدَ مِنْ الْعَمَلِ مَا تَقْتَضِيهِ هَذِهِ الْمَحَبَّةُ مِثْلَ إرَادَتِهِ نَصْرَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَدِينِهِ وَالتَّقْرِيبَ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمِثْلَ بُغْضِهِ لِمَنْ يُعَادِي اللَّهَ وَرَسُولَهُ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ مَا اسْتَفَاضَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصِّحَاحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى وَأَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ} وَفِي رِوَايَةٍ {الرَّجُلُ يُحِبُّ الْقَوْمَ وَلَمَّا يَلْحَقُ بِهِمْ} أَيْ وَلَمَّا يَعْمَلُ بِأَعْمَالِهِمْ فَقَالَ: {الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ} قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِشَيْءِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَرَحَهُمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَأَنَا أَحَبّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَنِي اللَّهُ مَعَهُمْ وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ عَمَلَهُمْ. وَهَذَا الْحَدِيثُ حَقٌّ فَإِنَّ كَوْنَ الْمُحِبِّ مَعَ الْمَحْبُوبِ أَمْرٌ فِطْرِيٌّ لَا يَكُونُ غَيْرَ ذَلِكَ وَكَوْنُهُ مَعَهُ هُوَ عَلَى مَحَبَّتِهِ إيَّاهُ فَإِنْ كَانَتْ الْمَحَبَّةُ مُتَوَسِّطَةً أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ كَانَ مَعَهُ بِحَسَبِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ الْمَحَبَّةُ كَامِلَةً كَانَ مَعَهُ كَذَلِكَ وَالْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَجِبُ مَعَهَا الْمُوَافَقَةُ لِلْمَحْبُوبِ فِي محابه إذَا كَانَ الْمُحِبُّ قَادِرًا عَلَيْهَا فَحَيْثُ تَخَلَّفَتْ الْمُوَافَقَةُ مَعَ الْقُدْرَةِ يَكُونُ قَدْ نَقَصَ مِنْ الْمَحَبَّةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً. وَحُبُّ الشَّيْءِ وَإِرَادَتُهُ يَسْتَلْزِمُ بُغْضَ ضِدِّهِ وَكَرَاهَتَهُ مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّضَادِّ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ